كتب عمر البردان في “اللواء”:
يغرق لبنان أكثر فأكثر في أتون أزماته السياسية والاقتصادية، وسط تخبط فاضح من جانب المسؤولين في ولوج طريق الحل، وفي خضم تصاعد الخلاف مع الدول الخليجية الأربع، والذي لم يفلح رئيس الجمهورية ميشال عون في زيارته الدوحة، في دفع القيادة القطرية إلى التوسط لدى الرياض، لمعالجة هذا الخلاف، وبما يعيد الأمور إلى طبيعتها، وإن كان المسؤولون القطريون أبدوا استعدادهم للمساعدة في تقريب وجهات، بانتظار تهيئة المناخات التي تسمح لهم بالتدخل. وفي الوقت الذي ينتظر الجميع مبادرة الحكومة اللبنانية إلى إصلاح الخطأ الذي ارتكب بحق الدول الخليجية، باستقالة أو إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، فإن «حزب الله» لا يزال يضغط لمنع أي اختراق في الجدار المسدود بين بيروت وعواصم مجلس التعاون الخليجي، من خلال رفض حصول هذه الاستقالة التي دعا البطريرك بشارة الراعي، الوزير القرداحي إلى تقديمها بعد نشوب الأزمة بوقت قصير. لكن وزير الإعلام استجاب لرغبة «حزب الله»، ضارباً عرض الحائط برغبة البطريرك الذي أفصح أنه مستاء من هذا التصرف.
وفيما تعول قيادات لبنانية على جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته السعودية في الأيام القليلة المقبلة، فإن مصادر دبلوماسية خليجية أبلغت «اللواء»، أن «على لبنان ألا يتوقع أي تدخل خارجي في الأزمة القائمة مع الدول الخليجية الأربع، قبل أن يبادر إلى القيام بخطوات فعلية، تنفس الاحتقان وتفسح في المجال، لإمكانية حصول انفراجة حقيقية»، مشددة على أن «المسؤولين اللبنانيين عاجزون عن اتخاذ أي قرار على هذا الصعيد، في وقت يتحكم «حزب الله» بمفاصل اللعبة الداخلية، ما يجعل هناك صعوبة كبيرة في إحداث أي تقدم على صعيد الحلول المرتجاة، لا من الفرنسيين ولا من غيرهم».
وتشدد المصادر، على أن «طريقة تعاطي المسؤولين اللبنانيين مع ملف الأزمة، يثير الكثير من التساؤلات. ففي حين لا يترك هؤلاء مناسبة، إلا ويؤكدون حرصهم على أفضل العلاقات مع الدول الخليجية، فإنهم لا يجرؤون على الطلب من القرداحي الاستقالة، لأن حزب الله يرفض ذلك، ولا يريد لهذه الأزمة أن تنفرج، بدليل استمرار حملته على الدول الخليجية، وعدم استعداده لاتخاذ أي إجراء يساعد على الحلحلة على هذا الصعيد، فيما لبنان يواجه المزيد من المتاعب التي جعلته في وضع لا يحسد عليه أبدا على مختلف المستويات».
إزاء الواقع المرير الذي يعيشه لبنان، توازياً مع فشل السلطة في القيام بواجباتها تجاه شعبها، وفي ظل حديث عن دخول فاتيكاني على خط الخلاف بين لبنان والخليج، تكشف أوساط سياسية، إلى أن زيارة وزير خارجية الفاتيكان بياترو بارولين خلال الشهر المقبل إلى بيروت، ستتخللها لقاءات مع قيادات رسمية وحزبية لحثها على التحرك واستعجال الحل. فبارولين العليم بدقائق الوضع اللبناني كان عبرّ أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن رأيه في وجوب ان يبادر اللبنانيون إلى إنقاذ أنفسهم، سواءً عبر تنفيذ التزاماتهم الدولية أو من خلال تحسين علاقاتهم العربية. وأكد أنّ «صدقية أي حكومة تكمن في أن تؤمن التزامات البلد خاصةً مع المجتمع الدولي»، وأنه بموازاة بذل الفاتيكان جهوده لدعم لبنان، يبقى على الأخير ضرورة أن يكون على أفضل العلاقات مع محيطه العربي».
وفي الوقت الذي ينتظر المجتمع الدولي، أن تقوم الحكومة اللبنانية بما عليها من التزامات على صعيد الخطوات الإصلاحية المطلوبة، برز دخول الأمم المتحدة على خط «رعاية» مؤسسة الجيش اللبناني التي تحظى باهتمام دولي لافت، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وهذا ما تبدى من خلال الاجتماعات التي يعقدها سفراء دول كبرى مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن المؤسسة العسكرية، تشكل خشبة الخلاص لإخراج لبنان من مأزقه، وهي الوحيدة القادرة على كسب ثقة الخارج، فتكون النواة التي منها سيُبنى لبنان – الدولة، بِحُلّته الجديدة، بعدما نزع الخارج ثقته من الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه.