كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
عاد الإضراب الى الواجهة، هذه المرة من بوابة التعليم الرسمي، بعدما خذلت وزارة التربية المعلمين وجاءت وعودها هباء منثوراً. فلم يطل المعلمون لا بلح المساعدة الاجتماعية ولا عنب مساعدة بدل النقل، بل تُركوا في مواجهة “كورونا” والازمة المعيشية وحدهم، ما اضطرهم للعودة على مضض الى سجن الإضراب ويبدو هذه المرة لن يكون فقط تحذيرياً ليومين، بل كل المؤشرات تؤكد أن الاضراب سيدخل في نفق المجهول، ما لم تسارع وزارة التربية الى دفع المستحقات الطارئة للأساتذة وإلا فيمكن القول إن العام الدراسي على المحك.
مع دخول الاضراب التحذيري للأساتذة والمتعاقدين في التعليم الرسمي الابتدائي والمتوسط والثانوي والمهني يومه الاول، فإن تحركات ميدانية ستنطلق ابتداء من الغد من موظفي المكننة في المدارس الرسمية للمطالبة بحقوقهم الضائعة في دهاليز التربية والحكومة ومصرف لبنان، وبينهم يقف المعلم على خط نار الأزمة الاقتصادية التي باتت تهدد وصوله الى المدرسة مع فقدان رواتبهم قيمتها، وسط ارتفاع تكلفة النقل ما يجعل التعليم في خطر، وهو ما حذر منه المدرسون مراراً وتكراراً، ولكن وزارة التربية لم تبادرهم الا بالوعود الكاذبة.
ويسأل الاساتذة ما الذي يدفع بوزارة التربية الى الإخلال بوعودها ودفعهم نحو الإضراب؟ ألا تكفيهم تبعات “كورونا” الذي يفتك بالمدارس ومعظم الاصابات هي من الطلاب؟ يؤكدون انهم يعيشون وضعاً صعباً نتيجة هذا التفشي، سيما وان هناك صفوفاً تضم فوق الـ35 طالباً، ويوجد صفوف يجلس ثلاثة طلاب على الطاولة الواحدة، وهذا كله بسبب وزارة التربية التي رفضت التعليم المدمج ودفعت بالمدارس الى التهلكة الصحية، وبالمعلمين الى التهلكة الاقتصادية.
لا تتردد فاطمة معلمة اللغة العربية بالقول ان اضرابها اليوم حق مشروع، “فاذا لم نحصل اقله على بدل نقل كيف سنمضي في وصولنا للمدارسة خاصة وان رواتبنا انهارت ولا تكفي تنكتي بنزين فمن ينظر بحالنا؟”. لا تخفي أن الوضع بخطر، فلا التعليم عن بعد وارد حالياً خاصة بعدما فصل معظم الاهالي الاشتراكات الكهربائية، وسط ضعف حاد في الانترنت، ولسنا قادرين على الاستمرار في الحضور اليومي للمدارس وسط حالة التفشي لوباء كورونا ولوضعنا المأسوي، وهذا يدفعها للقول: “ندرك ان التعليم رسالة، ولكن هذه الرسالة بحاجة لدعم لنكمل بها، وهنا يترتب على وزير التربية ترجمة وعوده افعالاً، وليس تحويلاً الى كلام في الهواء”.
يبدو ان التصعيد بات قاب قوسين او ادنى، ولن يقتصر فقط على الاساتذة بل لحق بهم ايضاً موظفو المكننة في المدارس الرسمية الذين يتوجهون للاعتصام اليوم أمام المنطقة التربوية للمطالبة بأبسط حقوقهم، مثلهم مثل الاساتذة والمتعاقدين، وهذا ما تؤكد عليه ليلى العاملة في المكننة في احدى مدارس النبطية الرسمية، مؤكدة ان “التحرك يهدف الى اعلاء الصوت وسط ضجيج الازمات لأننا نريد ان نستمر في عملنا، والاستمرار يحتاج الى دعم، ومن دونه تتعطل المدارس كلياً، لا ادري إن كان هذا مبتغى وزير التربية الذي اغدق علينا سيلاً من الوعود التي لم تبصر النور حتى الساعة”.
في نفق مظلم يقف الوضع التعليمي ويبدو انه سيدخل في اجازة قسرية قريبة بسبب “كورونا” والاضرابات المتلاحقة، لان الوضع المعيشي يغلب على الوضع التعليمي في بلد لطالما تغنى بأنه مهد الابداع العلمي، غير ان السياسات التربوية الخاطئة ستجر التعليم الى مفترق طريق خطير الا اذا فعلها وزير التربية وأنقذ الوضع قبل فوات الاوان، فهل يفعلها؟