كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
لاحظت مصادر سياسية تبدلاً ملموساً في الموقف الفرنسي الصادر ضمن البيان المشترك مع السعودية من لبنان، قياساً عما تضمنته المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امام الاطراف السياسيين اللبنانيين لحل الازمة الداخلية، لدى زيارته لبنان، بعد تفجير مرفأ بيروت مباشرة.
في مضمون الموقف الفرنسي الجديد التأكيد على الالتزام باتفاق الطائف باعتباره يحفظ السلم الاهلي وانتظام مسيرة الدولة، وحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، ومؤسساتها الشرعية وحدها، والتاكيد على تعزيز دور الجيش اللبناني بحفظ الامن والاستقرار، وضرورة القيام بالاصلاحات الضرورية المطلوبة في مؤسسات وادارات الدولة، والاهم التأكيد على تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، وهي القرار١٥٥٩، ١٧٠١ و١٨٦٠.
في المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي سابقا في بيروت، تحت شعار انقاذ لبنان، للمساعدة بتشكيل الحكومة الجديدة، وحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان على طاولة مستديرة، ضمت القادة السياسيين وزعماء الاحزاب اللبنانيين، تجنب ماكرون تضمين المبادرة، موضوعين مهمين، حاول اكثر من طرف سياسي، اثارتهما، الاول، موضوع سلاح حزب الله الذي يعتبره معظم اللبنانيين، مشكلة، ومن مسببات الازمة الحالية وباتت تتطلب وضع حلول سريعة لها، لانها اصبحت تهدد مرتكزات الدولة اللبنانية، والسلم الاهلي والثاني، موضوع اجراء انتخابات نيابية مبكرة، بعد استقالة عدد من النواب يومذاك.
حاذر ماكرون استحضار موضوع سلاح الحزب في مبادرته يومها، اعتقادا منه، بأن ذلك، يؤدي إلى تسهيل تسريع تنفيذ المبادرة، وازالة كل ما يعترض حل الازمة الضاغطة التي يواجهها لبنان، بينما قد يتسبب التركيز او المطالبة بحل مشكلة السلاح، الى اعتراضات، ووضع عراقيل لتعطيل تنفيذها، ما يعيق عملية انقاذ لبنان ويلحق الضرر باللبنانيين.
تبين في ما بعد، ان مسايرة الرئيس الفرنسي للحزب بعدم اثارة موضوع حزب الله بالمبادرة، او حتى التجاوب بإجراء الانتخابات النيابية المبكرة، كما يطالب بعض معارضي الحزب، لم تؤتِ ثمارها في تسهيل تنفيذ المبادرة، بل على عكس ذلك تماما، إذ بادر الحزب الى اعتماد نهج مدروس، لوضع العصي بالدواليب، لإفشال المبادرة، بالتضامن والتكافل مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، وتفريغها من مضمونها.
في البداية تولى الحزب عرقلة مهمة السفير مصطفى اديب بتشكيل الحكومة، ثم تولى عون وباسيل تعطيل مهمة الرئيس سعدالحريري بعد ما يقارب السنة من التكليف، وصولا الى تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بعيداً عن اسس ومرتكزات المبادرة الفرنسية.
ماذا جرى في تحول الموقف الفرنسي ضمن البيان المشترك مع السعودية، ليشمل هذه المرة التركيز على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، والتأكيد على تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بذلك؟
تعتبر المصادر السياسية المذكورة ان مرتكزات البيان المذكور ومضمونه يحملان في طياتهما، اكثر من رسالة وشرط إلى الداخل اللبناني، اولها، مطالبة الدولة اللبنانية والاطراف السياسيين المشاركين بالسلطة بضرورة تحمل مسؤولياتهم بالالتزام بمتطلبات المحافظة على مؤسسات الدولة وحصر موضوع السلاح وحفظ الامن بالجيش اللبناني على كافة الاراضي والمعابر، دون أي طرف آخر، كشرط أساسي لأي مساعدة، خليجية عربية او غيرها، وثانيا، انتهاء فترة التهاون وتجاهل تنفيذ القرارات الدولية ولاسيما القرارين، ١٥٥٩ و١٧٠١، ما يعني زيادة الضغط العربي والدولي، لمنع استمرار غض النظر الرسمي اللبناني، عن تجاوزات حزب الله لمضمون ومفاعيل هذه القرارات، والمطالبة بتطبيق نصوصهم عملياً.
وفي اعتقاد المصادر السياسية، ان ما تضمنه نص البيان السعودي الفرنسي بخصوص لبنان، يمكن اعتباره نسخة معدلة ومتطورة للمبادرة الفرنسية التي طرحها ماكرون لإنقاذ لبنان وحل ازمتة بكل وجوهها، بدعم سعودي هذه المرة، ومع الاخذ بعين الاعتبار المفاعيل السلبية لتدخلات حزب الله بتعطيل المبادرة الفرنسية والامعان بترهيب الواقع السياسي الداخلي.
ويبقى السؤال، بكيفية دعم لبنان لتنفيذ شروط ومطالب البيان الفرنسي السعودي، وعما إذا كان الرئيس ماكرون، مستندا الى تفاهم مشترك، مع الدول الفاعلة ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية، والى الدور الفرنسي في الملف النووي الايراني، وعلاقاته المرنة مع الجانب الايراني لتحقيق ما ورد بالبيان المذكور؟
لا بد من انتظار ما ستؤول اليه مجمل الاتصالات والتطور وتبدل العلاقات العربية الايرانية لمعرفة نتائجها وتداعياتها، سلبا، ام ايجابا على لبنان والجوار.