جاء في المركزية:
سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى إطلاق ورشة عمل في السراي، أراد منها توجيه رسالة الى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، يقول له فيها “باشرنا حقّا عملية تصويب المسار”. هو عقد اجتماعا ضم وزراء واقتصاديين ومسؤولين في الجمارك ركّز على ضبط المعابر الشرعية منها وغير الشرعية، على اعتبار انها سبب من اسباب الخلاف اللبناني – السعودي بعد ان استُخدمت لتصدير الممنوعات الى اراضي المملكة.
الا ان مصادر سياسية معارضة تذكّر عبر “المركزية”، بأن اجتماعات امنية ودبلوماسية وسياسية، بـ”العشرات”، عُقدت اثر اندلاع ازمة “الرّمان المخدّر” في الربيع، خرجت بكلام كثير ووعود كبيرة، غير ان نتائجها على الارض كانت صفرا. فهل سيتغيّر الاداءُ اليوم، بينما الطبقةُ السياسية الحاكمة لا تزال هي نفسها؟
على اي حال، تتابع المصادر، لن نستفيض في التعليق على الاجتماع هذا، لان ثمة دعسة ناقصة اكبر قام بها ميقاتي، على رغم جهوده المقدّرة. ففي رأيها، كان يجدر بالرجل ان يوجّه دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء ولو بـ”مَن حضر”. فبخطوة كهذه، كان يمكن ان يؤكّد فعلا، للخارج عموما وللسعوديين خصوصا، أن ثمة ما تبدّل فعلا، وأن اتصال جدّة – بيروت برعاية باريس، أتى ثماره وأيقَظ شيئا ما، في العصب “السيادي” اللبناني.
لكن ذلك لم يحصل مع الاسف، تضيف المصادر. وبدل ان ينتفض ميقاتي على الفيتو الذي يفرضه حزب الله على التئام مجلس الوزراء، فضّل من جديد “مسايرته” وتفادي إغضابه، واستعاض عن المجلس، باجتماع وزاري “فرعي”.
هذا في العطب “الشكلي”. اما في المضمون، فإصلاحُ ذات البين مع الرياض والعرب، لن يكون بتكرار اهل الحكم في لبنان، ما حفِظه السعوديون عن ظهر قلب، من وعود بضبط الحدود ومن تمسّك بافضل العلاقات مع “الأشقاء” ومع المملكة وحرص على أمنها واستقرارها، خاصة وان هذه النقاط على اهميتها تُعتبر قشورا ومن متفرّعات الازمة الاساسية. فعملية ترميم العلاقات تبدأ بمواقف رئاسية واضحة، تصدر من اعلى المراجع، تؤكد التزام لبنان القرارات الدولية، وعلى رأسها الـ1559 والـ1701 ، اللذان ذكرهما “بالاسم” بيانُ قمة جدة. ليس المطلوب طبعا ان تُشرع الدولة بلملمة سلاح حزب الله، بل ان تضع مسافة بينها وبينه وتُعرب عن رفضها تفرَّده بالسلاح خارج الشرعية وبقرار الحرب والسلم، وعدم رضاها على فائض قوته.
اما تسليم المنظومة او استسلامها لدور الحزب ونفوذه، والقول ان مسألة سلاحه “اقليمية”، ودفاع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عنه، وتكراره ان “الحزب” ملتزم القرار 1701 ولم يعتد يوما على احد، فلن تساعد في تغيير المشهد اللبناني – السعودي “السلبي”، قيد انملة، وستكون “بادرة” بن سلمان تجاه بيروت، والتي سعى وراءها اهلُ الحكم “لاهثين”، اولى ضحايا هذا السلوك. اما اكبرها فـ”مصلحة لبنان”.