كتب محمد ظافر العرادة في “الجمهورية”:
لا يخفى على الجميع توتّر العلاقات اللبنانية ـ الخليجية بعد كلام وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي الذي انتقد فيه، عبر لقاء خاص عن الأزمة اليمنية، دعم الشرعية اليمنية من قبل قوات التحالف ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي التي تسعى لاستقرار اليمن وسلامة أراضيه من احتلال ميليشيات الحوثي التي تدعمها إيران، ولا يخفى على الجميع أنّ جماعة الحوثي هي من أكثر الجماعات المصنفة على لائحة الإرهاب الدولية، والعجيب أن الوزير السابق اعتبر ميليشيات الحوثي «العسكرية» جماعة وطنية، والغريب أن تصريحاته جاءت بعد أشهر من تصريحات وزير الخارجية السابق شربل وهبة، والتي أساء فيها إلى أبناء البادية في لقاء مُتلفز مع محلل سعودي، وهو لا يعلم أن أبناء البادية موجودون في كل مكان بما في ذلك لبنان العربي، والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية.
بكل تأكيد إن هذه التصريحات وتكرارها على ألسنة وزراء مسؤولين تعتبر إساءة، ولا نلوم دول مجلس التعاون الخليجي على اتخاذها قرار سحب البعثات الديبلوماسية من لبنان، فهذه دول الخليج داعمة لوحدة لبنان واستقراره ووحدة شعبه العظيم، فمن الذي سعى لِلم الوحدة اللبنانية بعد الحرب الأهلية؟ ومن الذي عقّد «اتفاق الطائف»؟ والجميع يستذكر الجهود التي بذلها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – طيّب الله ثراه – للمواءمة السياسية في لبنان، فكيف تصدر مثل هذه التصريحات عن وزراء بلد يكنّ له الخليج العربي كل الاحترام والتقدير؛ بل ونستغرب هذه التصريحات المسيئة للبنان قبل أن تكون مسيئة للدول العربية، فلبنان بلد عربي ويجب أن تكون القضايا العربية أبرز أولوياته، كدول الخليج التي تعتبر لبنان أولوية لديها، ولن ينسى لبنان الدعم الخليجي التام لتحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
إن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي خطوة موفقة للبنان لإعادة المياه العربية إلى مجاريها، فلبنان قيادةً وشعباً يعي أن الخليج هو صمام الأمان له بكافة طوائفه المسلمة والمسيحية، ويعلم أن استقراره هو من استقرار الأمة العربية، ويعلم كذلك ان هناك دولاً تمثّل «محور الشر» لا تريد للبنان الاستقرار، وتريد اختطاف لبنان الجميل، لبنان الجميع وتحويله لبنان التيار الواحد، والمسار الواحد، وكلنا نعلم أن جمال لبنان بتعدد طوائفه وأديانه، فلا تتركوا يا أهل لبنان أي مجال لإثارة أي فتنة بينكم وبين أشقائكم العرب.
نأمل خلال المرحلة القصيرة المقبلة في أن تحقق الوساطة الفرنسية سبلها بين لبنان والخليج، وأن تعود البعثات الديبلوماسية والرحلات المباشرة، ونأمل من الحكومة اللبنانية أن ترى بعين الحقيقة، وأن لا تسمح لأي طرف بالمساس بسيادة لبنان، فلبنان جمهورية ذات سيادة، ومستقلة، ولها قرارها السيادي الخاص، «وباللبناني بدنا نقول: خلاص بيكفّي»!