جاء في “المركزية”:
بعد أخذ ورد ودرس وتمحيص، اتخذ مصرف لبنان امس قرارا في شأن السحوبات النقدية من المصارف، قضى برفع سعر صرف الدولار الاميركي من 3900/ل.ل. الى 8000/ل.ل، لمن يرغب في الاستفادة من التعميم رقم 151.
“المركزي”، بحسب ما تقول مصادر اقتصادية لـ”المركزية”، يدرك ان هذا الاجراء سـ”يكبّر” الكتلة النقدية في السوق. لذلك، اعلن في البيان نفسه انه، وللحد من نموها (أي الكتلة) وتأثيرها على نسبة التضخم، سيتم وضع سقف السحوبات الشهرية بحد اقصاه 3000/د.أ للحساب الواحد… لمحاولة تخفيف نسبة “الهيركات” على ودائع الناس. اذا، وبأقلّ “الأثمان” اقتصاديا ونقديا، بادر المصرف وخطا خطوة الى الامام. غير ان هذه العملية يُفترض ان تواكَب بخطوات كبيرة تصدر عن السلطة السياسية في البلاد، اي عن الحكومة ومجلس النواب. فأين هما اليوم؟
البعض قد يقول ان “الحاكم” رياض سلامة كان يجب ان يتريّث ويُبقي التعميم 151 على حاله الى حين تبصر الخطة الانقاذية الشاملة، النور. غير ان الوقائع السياسية كلّها، لا تشير الى ان ثمة انفراجة وشيكة بل على العكس: الكباش السياسي يشتد ومجلس الوزراء معطّل. كما ان الكابيتال كونترول، وهو واحد من القوانين الكثيرة المطلوب اقرارها للحد من الانهيار المالي، لا يزال يصول ويجول بين اللجان في مجلس النواب، وسط عجز نيابي عن الخروج بصيغة موحّدة في شأنه… وفي مقابل هذا “العقم”، لم يوقف الدولار يوما ارتفاعه في السوق السوداء.
من هنا، يُراد من قرار السحب على الـ8000 ان يشكّل حافزا للسلطة السياسية لتستفيق من سباتها وتضطلع بمهامها. فتخفيف وطأة الازمة على الناس الذين سيسحبون اموالهم على اساس الرقم الجديد، الذي يُعتبر طبعا اكثر انصافا لهم، يقع على عاتق الحكومة ومجلس النواب. فهل يتحرّكان؟
بحسب المصادر، يجب ان يتم تحرير يدي مجلس الوزراء اليوم قبل الغد، فينطلق في مفاوضات جدية رسمية حقيقية، بينه وبين صندوق النقد الدولي، تواكبها ورشة اقرار قوانين اصلاحية في مجلس النواب، بما يسرّع التوصل الى اتفاق مع الصندوق.
هذه هي المهمّة التي تألّفت الحكومة لإتمامها وقد حملت اسم “معا للانقاذ”. عندما تشكّلت، أعلن رئيسها نجيب ميقاتي ان “لا مكان للمعطّلين بيننا، أتينا لنعمل ومَن يريد ان يعطّل، فليخرج من فريقنا”. لكن مع الاسف، تتابع المصادر، الكباش السياسي والشروط التي فرضها الثنائي الشيعي “قضائيا”، عادت وتمكّنت من مجلس الوزراء، فعطّلته وهو لا يزال في الاسابيع الاولى من عمره.
فهل مَن يلام على الانهيار الآخذ في الاشتداد، هو مَن يخفّف القيود المفروضة على ودائع الناس في المصارف، أم مَن يعرقل مسار الاصلاح والإنقاذ ويرفض الافراج عن الحكومة قبل ان تتحقق مطالبه وتُنفّذ مشيئته هو، ويضمنَ مصالحه ومصالح رعاته الاقليميين؟