كتبت راجانا حمية في الأخبار:
رسمياً، انضمّ لبنان إلى نادي الدول «المصابة» بمتحوّر «أوميكرون»، والتي أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها أصبحت بحدود 57 دولة. أخطر ما في هذا الوصول أنه يحلّ في مرحلة حساسة فشلت فيها عملية التلقيح في الوصول إلى المناعة الكافية.
لم يعد وصول متحوّر «أوميكرون» إلى لبنان مسألة وقت، كما كان يقال طوال الفترة السابقة. إذ حان الوقت أمس، مع إعلان وزير الصحة فراس الأبيض، تسجيل حالتين مشتبه في إصابتهما بالمتحوّر الجديد. بذلك تبدأ، عملياً، مرحلة جديدة مع ثالث المتحورات بعد «ألفا» و«دلتا». ولئن كان الأخير يسيطر اليوم على معظم الحالات المسجّلة، إن لم يكن كلها، فقد لا يبقى الأمر كذلك. فما قبل دخول «أوميكرون»، أو بالأحرى تسجيل الإصابتين المشتبه فيهما في الرابع من الجاري، ليس كما بعده، إذ ينذر ذلك بأن «الأمور ذاهبة نحو الأسوأ»، على ما تقول مصادر متابعة للفحوص، وخصوصاً لناحية ارتفاع أعداد الإصابات.
في الرابع من الجاري، اشتبه العاملون في مختبر «كوفيد»، في الجامعة اللبنانية، بوجود نتيجتين يشتبه في أنهما تحملان المتحور الجديد، إذ لم تكن نتائجهما مطابقة للنتائج الأخرى. لذلك، عمل فريق الباحثين على إجراء اختبارٍ آخر للتأكد من احتمال وجود «أوميكرون». ويلفت الباحث المسؤول في المختبر فادي عبد الساتر إلى أن فريق الباحثين، وبسبب تأخر وصول التقنية الجديدة لكشف المتحور من كوريا، اعتمد في الاختبار على الجمع بين أكثر من تقنية متوفرة في المختبر، «بحيث اعتمدنا على طفرات من متحورَي الألفا والبيتا اللذين يجتمعان معاً في أوميكرون». وبنتيجة الاختبار، تبيّن وجود ثلاث طفرات: اثنتان من «ألفا» وواحدة من «بيتا»، وهي «الطفرات التي لا نجدها مجتمعة مع بعضها البعض إلا في أوميكرون». لذلك خرج الفريق بأول خلاصة شبه أكيدة بأن النتيجتين اللتين تعودان لحالتين آتيتين من أبيدجان وأديس أبابا تحملان ملامح المتحور «أوميكرون». ورغم أن الفريق ينتظر إجراء فحص التسلسل الجيني الكامل أو فك الشيفرة الجينية الكاملة للمتحور (SEQUENCING)، إلا أنه «99,99% نحن أمام أوميكرون».
هاتان النتيجتان ليستا إلا فاتحة لنتائج أخرى تأتي عبر مطار بيروت الدولي، وتحمل الطفرات الجديدة. فبحسب المعلومات، ثمة عدد من الحالات أتت بعد الرابع من الجاري هي قيد البحث اليوم لحسم ما إذا كانت أوميكرون أو لا، أضف إلى أنها ليست حالات محصورة بطائرات آتية من جنوب إفريقيا، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المتحور ينتشر اليوم في كثير من البلدان، بحسب منظمة الصحة العالمية.
أخطر ما في الإعلان أمس أن الحالتين المشتبه في إصابتهما بالمتحور الجديد «هما في الحجر المنزلي»، على ما قال الأبيض، مشيراً إلى أن «برنامج الترصد الوبائي في الوزارة يتتبّعهما منذ وصولهما إلى لبنان وهما بصحة جيدة والأعراض خفيفة». لكن، التجارب السابقة تقود إلى القول إن المشكلة تكمن في… الحجر المنزلي نفسه. إذ إن هذا الحجر بالذات كان أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في انتشار الفيروس محلياً. أضف إلى أنه لا يمكن التعويل أصلاً على «الضمير». إذ من الممكن أن تكون الحالتان أو تلك التي يشتبه فيها أيضاً قد اختلطت مع آخرين قبل التزام الحجر… إن التزمت به. وهذا ما يحتّم سؤال المعنيين عن تفعيل الرقابة قبل فوات الأوان.
يحلّ المتحور الجديد في مرحلة فائقة الحساسية في ما يخصّ نشاط الفيروس، مع تسجيل الإصابات ارتفاعاً كبيراً ووصولها الى عتبة الألفين، وهو ما يثير القلق، «في ظل تراجع قدرة المستشفيات على تحمل العبء الصحي الذي تحمّلته العام الماضي في مثل هذه الفترة، وخصوصاً أن القطاع يعاني من هجرة الكوادر الطبية والتمريضية»، وفق الأبيض. يضاف إلى ذلك، البطء الذي رافق عملية التلقيح في الفترة الماضية، قبل أن تستعيد بعض النشاط أخيراً. وبحسب الأبيض، فقد بدأ هذا التحسن يترجم في «ارتفاع عدد الذين يتسجّلون على المنصة يومياً من خمسة آلاف إلى 24 ألفاً، كما أن عدد الملقّحين ارتفع أسبوعياً من سبعين ألفاً إلى أكثر من مئة ألف»، آملاً أن «يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من مئة وثلاثين ألفاً أسبوعياً مع ماراتون فايزر في نهاية الأسبوع».
وشدد على «الأهمية المضاعفة للقاح مع انتشار المتحوّر الجديد الذي تشير المعلومات الأوليّة إلى أنه ينتقل بسرعة أكبر من المتحورات السابقة». وهو ما يعانيه عدد من الدول كالدانمارك وفرنسا، حيث ترتفع أعداد الإصابات بشكلٍ هائل.
ويحتوي متحور أوميكرون على 32 طفرة أساسية موجودة في البروتيين الشوكي، وهو بذلك يتفوّق على الدلتا الذي يحتوي على 9 طفراتٍ فقط، وهذا ما يؤثّر عملياً في نسبة فعالية اللقاحات، إذ إن اللقاح عليه أن يواجه هذا الكمّ من الطفرات. وهي فعاليّة لم تثبت بعد نسبتها، في انتظار التجارب السريرية والعلمية الموثّقة.