جاء في “وكالة أخبار اليوم”:
على مدى أكثر من 18 شهراً تعرّض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لهجومات متكررة من محور “النظام المصرفي البديل” على خلفية التعميم 151 والذي يسمح بسحب الودائع بالدولار بسعر يوازي 3900 ليرة.
تولّت عمليات الهجوم والتحريض الإعلامي أكثر من جهة في طليعتها الفريق الممانع وصحيفته تحت شعار أن سعر الـ3900 يعني عمليا “هيركات” مقنع على الودائع بلغ حوالى 85 في المئة، ووصل الأمر بلجنة المال والموازنة إلى ممارسة الضغوط وإصدار توصيات لرفع سعر الدولار المصرفي إلى 8000 ليرة، وقال رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان في 30 أيلول الماضي “إن تمديد التعميم 151 على سعر 3900 وعدم رفعه هدفه تصفية خسائر الدولة ومصرف لبنان على حساب المودعين”.
ويعلم اللبنانيون أن حاكم المركزي كان معارضاً لرفع سعر “اللولار” نظراً للمخاطر التي يمكن أن تترتب على مثل هكذا قرار لناحية زيادة كمية السيولة في الأسواق وزيادة التضخم والضغط لشراء الدولار ما سيعني المزيد من التراجع في قيمة الليرة. ولكن وبحسب تأكيد مصادر مالية متابعة لوكالة “أخبار اليوم” فإن حاكم مصرف لبنان في اجتماعه مع المجلس المركزي حاول التوفيق بين الضغوطات الهائلة التي تُمارس وبين محاولة عدم الوقوع في تضخّم السيولة في الأسواق، فكان القرار برفع سعر صرف الدولار المصرفي من 3900 ليرة الى 8000 ليرة مع تحدد السقف الشهري الأعلى للسحوبات بـ3000 دولار كحد أقصى للحساب الواحد عوضاً عن 5000 دولار كما كان في السابق.
وتتابع المصادر المالية أن أي قرار في ظل الانهيار سيكون له انعكاسات وتداعيات سلبية، وخصوصا أننا أمام حكومة مشلولة ومعطلة وعاجزة عن اتخاذ أي قرار سواء بالإصلاح لمحاولة معالجة ما أفسدته الطبقة الحاكم أو بالانفتاح على الدول العربية لاستعادة ما خسره لبنان نتيجة سياسة العزل التي تسببت بها ممارسات “حزب الله”. ولذلك فإن المتسببين بمسلسل الأزمات المالية والاقتصادية التي يقبع فيها لبنان لا يجدون ما يفعلونه سوى مهاجمة حاكم المركزي أيا يكن القرار الذي يتخذه، عوض أن يقوموا بواجباتهم وباتخاذ القرارات اللازمة لتفعيل عمل الاقتصاد وتأمين المساعدات اللازمة للبنان واستقطاب السياحة والاستثمارات الخليجية ما يؤدي إلى تدفق العملات الصعبة مجددا إلى لبنان.
هكذا وبكل بساطة يهاجمون سلامة إن أبقى سعر صرف “اللولار” على 3900 ليرة، ويهاجمونه ما إن رفعه، وسيهاجمونه مهما فعل ومهما اتخذ من قرارات لأنهم لا يفعلون شيئاً سوى مهاجمته ولا يقومون بأي من واجباتهم، بل يتلطون خلف تحميل حاكم المركزي مسؤولية كل ما يجري رغم أن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على الطبقة الحاكمة التي ترفض أن تتحمل مسؤولياتها وأن تتخذ الخطوات والقرارات اللازمة على صعيد السياسة الخارجية كما على الصعيد الاقتصادي والمالي، وخصوصاً بعد تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الإصلاحات هي “بنود خلافية”، ما يؤكد أن الطبقة الحاكمة تعرقل الإصلاحات الضرورية للبنان والتي يطلبها المجتمع الدولي والعربي.
وتشير المصادر المالية إلى أهمية بيان جدة الأخير الذي صدر بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي أكدت على مضمونه كل لقاءات ولي العهد السعودية في جولته الخليجية، وهو أن مفتاح الإنقاذ للبنان يكمن في تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وحصر السلاح بيد الدولة والتأكيد على اتفاق الطائف وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وتختم: خارج هذه العناوين من العبث تحميل مسؤولية الانهيار إلى حاكم مصرف لبنان الذي قام بكل ما يمكن القيام به خلال العامين الأخيرين في مقابل استمرار القوى السياسية بممارسة هوايتها في تعطيل المؤسسات الدستورية وفي تخريب علاقات لبنان العربية والدولية.