Site icon IMLebanon

اللقاح ثم اللقاح ثم اللقاح… في مواجهة المتحوّر الجديد

كتبت فانيسا مرعي في الأخبار:

من متحوّر إلى آخر، يواصل فيروس كورونا إثارة القلق في البلاد التي تفقد، يوماً بعد آخر، فرصتها للسيطرة عليه. وفي وقت تسجّل فيه الإصابات تصاعداً، يحلّ «أوميكرون» منذراً بمرحلة جديدة من «التعايش» مع الفيروس. مرحلة لن تكون على الأرجح طبيعية مع اقتراب عطلة العيدَين، على ما يقول المعنيون بمتابعة أحوال الفيروس.

في الأرقام، لا اطمئنان إلى ما يمكن أن يسجّله عدّاد الإصابات مع المتحور الجديد (أوميكرون) وما هو موجود أصلاً (دلتا)، غير أن ذلك الخوف لا ينسحب بكليّته على التوقعات من أوميكرون، حيث لا يزال «التفاؤل» يحكم. وفي هذا السياق، وإن كانت منظمة الصحة العالمية لا تزال تدرس التقارير التي تردها عن حالات الإصابة به في البلدان التي وصل إليها، ولا تملك حتى الآن معلومات واضحة بشأن مدى فتكه أو تسببه بمضاعفات إضافية، إلا أن «نتائج الأبحاث الأولية بشأن مدى فعالية اللقاحات مطمئنة»، تقول مديرة البرامج في منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتورة أليسار راضي. لكن، رغم ذلك، لا تستبعد راضي، كلياً، فرضية تصنيع لقاحات جديدة أو إجراء تعديل في تلك الموجودة حالياً في حال الحاجة إلى ذلك، مؤكدة أن ذلك «ممكن والأمور قيد البحث»… وإن كان ذلك لا يلغي أن «الموجود» حالياً يفي بجزء من المطلوب.

وفي هذا السياق، ثمة تعويل اليوم على الجرعة الثالثة من اللقاحات، بغضّ النظر عن نوعها. ولئن كانت راضي تشير إلى أن منظمة الصحة العالمية لم تُصدر توصية نهائية بشأن الجرعة الثالثة، إلا أنها توضح في المقابل، أن الأبحاث التي جرت في عدد من البلدان بيّنت أن هذه الجرعة يمكن أن تزيد قوة المناعة لدى الأشخاص الذين تعدّ مناعتهم ضعيفة، ككبار السن، والدولة اللبنانية استندت إلى هذه الأبحاث في فتح المجال أمام تلقّي الجرعة الثالثة.

«لا علاقة مباشرة بين العمر وقدرة انتقال عدوى أوميكرون»، تحسم راضي، عازية سبب إصابة الأطفال بالمتحور الجديد في عدد من البلدان «لكونهم أكبر فئة غير ملقّحة، وخصوصاً أن بعضهم دون السنّ التي يسمح له بتلقّي اللقاحات، وبالتالي فإن احتمال إصابتهم أمر طبيعي». أما بالنسبة إلى كبار السن، فـ«غالباً ما تكون مناعتهم ضعيفة وقد لا ترتفع مع تلقّي اللقاح، لذلك يمكن أيضاً لأيّ متحور أن يصيبهم».

من جهة أخرى، ترى راضي أن «نسبة التلقيح في لبنان مقارنة مع البلدان المجاورة لا بأس بها»، لكن «إذا تبيّن أن أوميكرون أكثر فتكاً وينتقل بسرعة أكبر، فذلك لن يكون مطمئناً بالنسبة إلى لبنان، ولا سيما أن قسماً كبيراً من اللبنانيين لا يزال غير محصّن».

ويشدّد الدكتور فادي عبد الساتر، الباحث في العلوم البيولوجية والمسؤول في مختبر «كوفيد» في الجامعة اللبنانية، على ضرورة التعامل بجدية مطلقة مع متحور أوميكرون، كاشفاً أن نسبة النتائج الإيجابية للفحوصات التي تعود إلى الملقّحين الوافدين عبر المطار كبيرة تراوح بين 60% و70%، وهذا ما يشير إلى أنه حتّى الملقّحون يمكن أن يتسبّبوا بنقل العدوى لمخالطيهم في حال إصابتهم بالفيروس. لذلك، يدعو إلى عدم الاستخفاف بخطورة وصول المتحور إلى لبنان، وخصوصاً أنه يتمايز عن غيره باحتوائه على عدد أكبر من الطفرات، «وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً في المتحورات السابقة». ويشرح في الوقت نفسه وجود «طفرات مشتركة بين المتحورات أي بين أوميكرون ودلتا وألفا وبيتا وغاما، وهو ما يفسر قدرة الأول على التهرّب النسبي من جهاز المناعة».

وأكدت نتائج دراسة أجريت في جنوب إفريقيا على عينة محدودة من الملقحين بجرعتين لتبيان مدى فعالية اللقاحات مع متحور أوميكرون أن المتحور الجديد «فعاليته أقل بـ 41 مرة من الفيروسات الأخرى، فيما كان الدلتا أقل بـ 9 مرات فقط». مع ذلك، تبدو هذه الخلاصة مطمئنة بالنسبة إلى الجسم الطبي، إذ إنه يثبت أن «هناك جزءاً من المناعة لا يزال موجوداً»، ومع الجرعة الثالثة «ستكون الفعالية أفضل».

يختم عبد الساتر بأن «المتحور يبقى خطراً بالنسبة إلى من يعانون نقصاً في المناعة لأن هؤلاء غير قادرين على مقاومة المتحور في حال إصابتهم، ما يؤدي إلى تكاثره في الجسم لفترة طويلة، وبالتالي زيادة الطفرات».