في الثاني من أيلول 2004 أصدر مجلس الأمن قراراً حمل الرقم 1559، ولم يقتصر نصّه فقط على انسحاب جميع القوات الأجنبية من الأراضي اللبنانية، والتأكيد على الدعم الدولي لسلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، بل دعا القرار أيضاً الى حلّ جميع الميليشيات اللبنانيّة ونزع سلاحها، إلى جانب تأييد عملية انتخابيّة حرّة ونزيهة في الانتخابات الرئاسيّة. وعند الإعلان عنه كان رئيس الجمهورية ميشال عون في المنفى في باريس، وقيل أنه كان خلف صدوره من خلال زيارة قام بها إلى واشنطن
حيث التقى مسؤولين في الإدارة الأميركية وعدد من أعضاء الكونغرس، إضافةً إلى أركان من الجالية اللبنانية، فحثّهم على التواصل مع أصدقائهم في الكونغرس لاتخاذ الموقف من السلاح غير الشرعي في لبنان، وكانت له مقاربة أيضاً للدور السوري في لبنان والتطوّرات في المنطقة. إلا أن منذ عودته إلى بلده الأمّ واندماجه في عالم السياسية وحتى بعد وصوله إلى كرسي الرئاسة، لم يعد عون يتطرّق إلى الملفات الواردة في القرار 1559، كما أنه لم ينشء هيئة وطنية إلى جانب الرئاسة للاستئناس برأيها كما كانت عليه الحال في عهد رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان والتي عطّل اجتماعاتها التيار الوطني الحرّ وممثلو قوى 8 آذار.
وبعد الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين لبنان والسعودية ودخول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خطّ الحل، كان لافتا مضمون البيان المشترك الفرنسي-السعودي، إذ رأى فيه البعض إشارة إلى الـ1559 ووجوب احترامه. فلماذا لم يعد فريق العهد يأتي على ذكر القرار الدولي ومضمونه في أي من مواقفه؟
المحامي والناشط السياسي أنطوان نصرالله يشير لـ “المركزية” إلى أن “عندما انسحب السوري من لبنان تطبّق الـ 1559 أما ملف “حزب الله” فلبناني داخلي. وما تغيّر بالنسبة إلى الرئيس عون هو تبدّل موقفه السياسي تجاه الحزب، إذ بعد أن كان رافضا لكل ما يقوم به أصبح مبدئياً من عداد الموافقين”.
ويتابع “في فترة من الفترات تطرّق عون إلى الخطة الدفاعية المشتركة، مجاهراً عن نية لوضعها إلا أنه لم يفعل، ولم يف بأي من وعوده، بما يوحي بنوع من الاستسلام”.
ويرى نصرالله أن “معظم السياسين اللبنانيين يلجأون إلى شعارات رنّانة لاستخدامها بغية كسب شعبية والوصول إلى مراكز أو تحقيق ما يطمحون إليه، وفور اكتساب مبتغاهم يتناسون في المقابل هذه الشعارات في حين يكون لبنان في أوج الحاجة إليها مثل الرعاية الدولية للبنان وليس فقط بالقرار 1559 بل معظم قرارات الأمم المتحدة من 425 و1701 وغيرها التي يحتاج إليها البلد كي يبقى موجوداً ويكون له مكان على الخارطة الدولية. لكن، للأسف، يعمل المسؤولون في لبنان على السياسية بـ”القطعة” بما يخدم مصالحهم، بعيداً من القرارت والخطوات الاستراتيجية”.
ويعرب عن حزنه أيضاً لدى السماع بـ “مطالبات الدول العربية بتطبيق القرارات الدولية من دون أن نجد في لبنان من يلاقيهم، إلا إذا كانت له مصلحة في ذلك، فحتّى من يطالب بتطبيقها لا يندفع من منطلق الاقتناع بها، بل لأن مصالحهم تقتضي السير ضدّ “حزب الله”.