كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
هدأ صوت محركات الإنتخابات النيابية في بعلبك الهرمل نسبياً، والتزم الأفرقاء المعنيون الصمت الإنتخابي قبل سريان القانون رسمياً بإنتظار بت المجلس الدستوري بالطعن المقدم من التيار الوطني الحر، وانكفأت التحركات واللقاءات، وبقيت التسريبات والمعلومات المستقاة تتحكم بالتوقعات.
رغم ضبابية المشهد في دائرة بعلبك الهرمل وعدم وضوح الرؤية لجهة التحالفات بين الأحزاب وأسماء مرشحيها، سواء بإدخال أسماء جديدة تلقى رضى الشارع البقاعي بعد إرتفاع الأصوات المعارضة على عدد من النواب الذين ثبتوا في مقاعدهم لدورات متتالية بدون تحقيق إنجازات، أو إبقاء القديم على قدمه وخوض المعركة بنواب أصبحوا معروفين للبقاعيين وحفظوها عن ظهر قلب، يسجل للدائرة هنا إكتسابها أهمية كبرى والحرص من مختلف القوى السياسية على ربح المعركة والفوز وفق ما هو مرسوم لتصح تسميتها بأنها دائرة أم المعارك.
يستسيغ “حزب الله” في معاركه الإنتخابية اللعب على عنصر المفاجأة وكشف أوراقه في اللحظات الأخيرة، ويبقي الأمور في دائرة الغموض لحين إنكشاف الأوراق الملعوبة من باقي شركائه في الدائرة التي يتنافس وإياهم على مقعد أو إثنين من أصل عشرة كبعلبك الهرمل، ويخوض الإنتخابات النيابية والبلدية بالشراكة مع حركة أمل متقاسمين المقاعد وفق شعبيتهم وحضورهم في المنطقة، ومنذ إنتخابات 1996 يوم كان البقاع دائرة واحدة يحافظ النائب غازي زعيتر على موقعه النيابي، ويمثل حصة حركة أمل (مقعد شيعي من أصل ستة) فيما يحصل “حزب الله” على المقاعد الخمسة الباقية، ومع القانون الجديد والأصوات التفضيلية برز تقدم النائب زعيتر الذي حصد أكثر من 17 ألف صوت وتفوق على مرشحي الحزب بعد النائب جميل السيد (نال أكثر من 33 ألف صوت) الذي شكل في حينها حالة خاصة قد تتكرر، أو يعتمد الحزب تكتيكاً جديداً لتوزيع الأصوات التفضيلية مفاضلةً بين مرشحيه ويقطع الطريق على الخرق من اللوائح الأخرى.
ومع إحتساب الأصوات والشعبية، تدور في الكواليس معلومات عن مطالبة حركة أمل بمقعد نيابي ثانٍ لها في المنطقة بعد النتائج التي أثبتت تفوقها وحضورها المتزايد، وتسعى في الإنتخابات المقبلة لحصد المزيد من الأصوات التفضيلية حيث بدأت ماكينتها الإنتخابية عملها منذ شهرين وتعتمد سياسة الإنفتاح والتمدد نحو القرى والبلدات البقاعية بغض النظر عن الطائفة والمذهب بهدف كسب أصوات سنية ومسيحية، وفي حال لم تُفضِ المباحثات مع “حزب الله” إلى نيلها المقعد الثاني في المنطقة قد تحصل عليه في دائرة أخرى مشتركة مع الحزب، فالأخير يعنيه البقاع الشمالي أكثر فهو خزان المقاومة السياسي والعسكري، وتخليه عن مقعد لصالح حركة أمل لا يحبذه أمام الرأي العام فذلك يعتبر تراجعاً شعبياً له.
وعلى محور الحزب لم تتضح الصورة بعد لجهة مرشحيه وإن كان هناك تغيير قد يطال بعض الأسماء ويلاقي المزاج الشعبي المطالب بضخ دمٍ جديد، وخصوصاً أن الأسماء الجديدة التي رشحها عام 2018 كالنائبين إبراهيم الموسوي وإيهاب حمادة قد نالت أصواتاً تفضيلية أكثر من رئيس اللائحة النائب حسين الحج حسن، غير أن تباعد حلفاء الأمس (القوات والمستقبل) وعدم بروز تحالف بينهما حتى الآن يسهل المعركة على الثنائي الشيعي، فتشتت الخصوم وتوزع الأصوات بين لائحتين أو أكثر يصب في مصلحة الحزب الذي خسر مقعدين في إنتخابات 2018، أما اليوم فهو يسعى إلى حصد المقاعد العشرة ورفع نسبة الإقتراع إلى أعلى مستوياتها وبالتالي رفع الحاصل الإنتخابي وعدم حصول أي من اللوائح المنافسة عليه.
على خط المستقبل لا يزال التخبط سيد الموقف، ضياع في صفوف المناصرين والمرشحين بإنتظار عودة وقرار رئيس التيار سعد الحريري، ومع تباعد القوات والمستقبل رسمياً بدأ ظهور عدد من الأسماء المرشحة من بلدة عرسال معقل المستقبل الأول ورادفته بالأصوات وعليها تقع الأنظار، وفي المعلومات أن “حزب الله” يسعى لضم شخصية سنية من عرسال إلى لائحته، بهدف جذب عدد من الأصوات وأخذها من أمام المستقبل والقوات معاً، فالقوات اللبنانية التي أكملت جولة مشاوراتها مع مختلف الأطياف الشيعية والسنية، تعمل أيضاً على ضم شخصية سنية عرسالية إلى لائحتها التي تشكلها بالتشاور والإتفاق مع شخصيات شيعية مستقلة، ليبقى السؤال عن مصير المستقبليين الفعليين الذين خاضوا الإنتخابات الأخيرة بإسم المستقبل، وهنا يشير مصدر خاص لـ “نداء الوطن” أن رجل الأعمال بهاء الحريري يتواصل مع هذه الشخصيات كونها تحظى بشعبية سنية وقد تكون على لائحته، لكن المفارقة وفق المصدر كيف يمكن للرأي العام تقبل فكرة الإنتقال من تأييد الرئيس سعد الحريري إلى تأييد منافسه شقيقه بهاء، وعليه سيكون الصوت السني في حالة تشتت وضياع يستفيد منها “حزب الله” في الدرجة الأولى.
ويضيف المصدر أن الشخصيات الشيعية التي تتواصل معها القوات اللبنانية لا رصيد شعبياً لها وهي لن تستطيع ردف اللائحة بأكثر من ألف صوت، لكن القوات تعلم وتعمل على رفع حاصل اللائحة الإنتخابي، ناهيك عن تشكيل لائحة من شخصيات شيعية مستقلة أيضاً لها وزنها وتاريخها السياسي كنجل رئيس مجلس النواب السابق المهندس علي صبري حمادة.