Site icon IMLebanon

استئناف بيطار لعمله يزيد من تعقيد الأزمة

جاء في “العرب” اللندنية:

استأنف المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار الجمعة عمله، بطلب تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة منذ شهرين في حق وزير المالية السابق علي حسن خليل، المقرب من حزب الله، في خطوة تعقّد مساعي حل أزمة التعطيل الحكومي، بعد أن تسربت مؤخرا ملامح صفقة تقضي باستقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي والإبقاء على بيطار، مع ترك ما لا يدخل في صلاحياته للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو مخرج يرضى به حزب الله للإفراج عن انعقاد مجلس الوزراء المعطل منذ أكثر من شهر ونصف الشهر.

وعمد المشتبه بهم إلى مقارعة بيطار أمام المحاكم بأكثر من عشرين دعوى قانونية تسعى لتنحيته، بسبب مزاعم التحيز و”الأخطاء الجسيمة”، مما أدى إلى تعليق التحقيق عدة مرات.

ويقول الوزراء السابقون إن أي قضايا ضدهم يجب أن تُنظر فيها محكمة خاصة لرؤساء ووزراء.

ولم تحاسب تلك المحكمة قط مسؤولا واحدا، وستنقل السيطرة على التحقيق إلى الأحزاب الحاكمة في البرلمان، وهو ما قد يبدد آمال المساءلة على الأرجح.

لم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ منتصف تشرين الأول الماضي، جراء اشتراط حزب الله استبعاد القاضي بيطار عن التحقيق

ويرى حقوقيون لبنانيون أن طلب الاتهام هو بمثابة مناورة احتيالية لتهريب المتهمين من قبضة المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ، لأن لا جديّة في الاتهام أمام هذا المجلس.

ويعتبر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن صلاحية ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب تعود إلى المجلس الأعلى، وبالتالي هو يشجّع على تبني مثل هذا الحلّ لكي يعيد حكومته إلى الحياة من جديد، لاسيما أن إدارة الأزمة عبر اللجان الوزارية أثبتت عدم فاعليتها.

وكان حزب الله وحركة أمل قد سحبا الوزراء التابعين لهما من الحكومة في أوقات سابقة من الصراع السياسي، ما أدى إلى انهيار الحكومة التي يقودها السنة من خلال سحب التمثيل الشيعي منها.

ولم يتهم بيطار أيا من أعضاء حزب الله المعروفين، وهو الجماعة الشيعية التي لها نفوذ سياسي قوي وميليشيا تمتلك ترسانة كبيرة من السلاح. لكن تصرفات القاضي بما في ذلك محاولاته لاستجواب شخصيات قوية متحالفة مع حزب الله كمشتبه بها، دفعت الجماعة إلى اتهامه بالتحيز.

وضغط حزب الله وحلفاؤه من أجل عزل بيطار عن طريق السلطة التنفيذية، مما أثار خلافا أصاب الحكومة بالشلل.

ودعا حزب الله، إلى جانب حلفائه، إلى مظاهرة ضد بيطار في أكتوبر الماضي، ما لبثت أن تحولت إلى أعمال عنف مميتة.

ونفى حزب الله الاتهامات التي وجهت إليه وقت الانفجار بأنه كان لديه مستودع أسلحة في المرفأ، وقال إنه لا علاقة له بالانفجار. ولطالما اتهمه خصومه بالسيطرة على المرفأ، وهو ما ينفيه الحزب أيضا.

وتتساءل أوساط سياسية لبنانية عن سبب إصرار حزب الله على استبعاد المحقق العدلي في انفجار بيروت رغم أنه لم يتهم أي طرف سياسي بالمسؤولية عن الحادثة، بما في ذلك حزب الله.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بوضع نفسه في مواجهة مع المحقق، يعزز ما تتداوله وسائل إعلام غربية ومحلية من شكوك في وجود دور ما للحزب في حادثة انفجار مرفأ بيروت.

ومنذ تسلمه التحقيق، لاحقت 16 دعوى بيطار مطالبة بكفّ يده عن القضية، تقدم بغالبيتها وزراء سابقون مُدعى عليهم وامتنعوا عن المثول أمامه، وهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر ووزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق.

وأدت تلك الدعاوى إلى تعليق التحقيق مرات عدة، قبل أن يستأنف مجددا الأسبوع الحالي إثر رد القضاء دعاوى عدة ضد بيطار.

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يعتبر أن صلاحية ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب تعود إلى المجلس الأعلى

ولم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ منتصف تشرين الأول الماضي، جراء رفض وزراء حزب الله وحركة أمل عقد أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبتّ في مصير بيطار، في بلد ينص دستوره على الفصل بين السلطات.

ويشكك كثر في إمكانية تنفيذ مذكرة التوقيف في حق خليل، في بلد تطغى عليه ثقافة “الإفلات من العقاب” ويحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، ولم تتم يوما محاسبة أي من المتورطين فيها.

وعزت السلطات انفجار المرفأ في الرابع من آب 2020، والذي أودى بحياة 215 شخصا على الأقل وإصابة 6500 آخرين، إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزينها ولم يحركوا ساكنا.

ولا تزال جل العوامل غامضة بعد أكثر من عام على بدء الحكومة تحقيقا قضائيا، انطلاقا من الشخص الذي أمر بالشحن إلى سبب تجاهل المسؤولين التحذيرات المتكررة من الخطر. لكن بيطار اكتسب ثقة العديد من اللبنانيين، بما في ذلك أقارب الضحايا.