Site icon IMLebanon

ارتفاع أسعار الوقود.. أيقلص التهريب بين لبنان وسوريا؟

كتب جوني فخري في “العربية”:

لم تهدأ حركة التهريب بين لبنان وسوريا عبر المعابر غير الشرعية حتى في عز الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي خيّم على الدولتين. ومع بداية الحرب في سوريا تبدّلت “وجهة” التهريب بعدما كان يجري لسنوات من سوريا إلى لبنان الذي تجمعه بجارته أربعة معابر حدودية رسمية تُديرها قوى الجيش والأمن العام والجمارك اللبنانية.

ولطالما تصدّرت المحروقات لائحة المواد الأساسية المُهرّبة والمدعومة من مصرف لبنان، فانعكس ذلك شحاً بالمادة الحيوية في الأسواق اللبنانية وتجلّى بصورة خاصة في الأشهر الأخيرة من خلال مشاهد “الذل” أمام محطات الوقود، حيث كان ينتظر المواطنون في طوابير طويلة لشراء كميات قليلة من الوقود المدعوم يترافق أحياناً مع وقوع إشكالات تصل إلى حد رفع السلاح.

فيما قدّر خبراء الكلفة السنوية للدعم بنحو 7 مليارات دولار، منها ما يفوق الـ2 مليار دولار لاستيراد المحروقات فقط.

وفي دراسة سابقة لـ”الدولية للمعلومات”، قُدّرت كلفة تهريب المحروقات التي خرجت من الأراضي اللبنانية إلى سوريا في الأشهر الماضية، وكانت مدعومة على حساب ودائع اللبنانيين، بـ 235 مليون دولار سنوياً.

لكن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان وتخلّي المصرف المركزي عن سياسة الدعم، لاسيما استيراد المحروقات، لأنه لم يعد يملك ما يكفي من الدولارات لتغطية الدعم، باتت حركة التهريب عبر المعابر غير الشرعية بين البلدين تشهد تطوراً ملموساً في الفترة الأخيرة، تمثّل بوقف عمليات تهريب البنزين والمازوت إلى الداخل السوري بسبب ارتفاع أسعار المحروقات الناتج عن انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل الدولار الأميركي.

ونقل أحد سكان منطقة الهرمل الحدودية لـ”العربية.نت” مشاهد صهاريج الوقود التي كانت تتوجّه يومياً إلى سوريا قائلا، إنها اختفت نهائياً منذ أكثر من شهر، لأن أسعار المحروقات هنا باتت تساوي تقريباً الأسعار في سوريا.

كما تحدّث عن حركة “خجولة” لبعض الدرّاجات الهوائية تنقل قوارير غاز بمعدّل ثلاثة كحدّ أقصى من لبنان إلى سوريا وبعض الأدوية المفقودة في لبنان.

من جهته، أشار محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر لـ”العربية.نت” إلى أن ارتفاع كلفة النقل وتقارب الأسعار بين البلدين، قلّص هامش الأرباح لدى المهرّبين ساهم في توقّف حركة تهريب المحروقات عبر المعابر غير الشرعية.

كما أوضح “أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية على الحدود عزّزوا إجراءاتهم لضبط ومراقبة الحدود، وهو ما ساهم أيضاً بوقف حركة التهريب، لاسيما صهاريج المحروقات”.

ولا يبدو أن إجراءات ضبط الحدود تقتصر فقط على الجانب اللبناني، إذ انسحبت أيضاً على الجهات السورية، حيث عزّزت من إجراءاتها الحدودية لمنع التهريب، وهو ما لفت إليه المحافظ خضر، مشيراً إلى “تشدد سوري بضبط الحدود لوقف عمليات التهريب”.

في الإطار، أكد مصدر عسكري لـ”العربية.نت” أن حركة تهريب المحروقات بين لبنان وسوريا تراجعت بنسبة كبيرة نتيجة تقارب الأسعار بين البلدين، و”تبقى هناك بعض عمليات التهريب للدخان والمواشي والطحين والحليب والأدوية والتي يعمل الجيش على ضبطها من خلال الدوريات التي يُسيّرها والحواجز الثابتة التي يُقيمها”.

في مقابل توقّف حركة تهريب المحروقات، نشط خط تهريب المنتجات الزراعية بكل أنواعها، لاسيما البندورة بسبب فرق الأسعار بين لبنان وسوريا.

وقال رئيس بلدية القاع الحدودية بشير مطر لـ”العربية.نت”: “إن تهريب المنتجات الزراعية من سوريا إلى لبنان “شغاّل”، لاسيما البندورة، لأن أسعارها أرخص من لبنان”.

كما أثنى على ما يقوم به الجيش لإقفال المعابر غير الشرعية.

ووضع المجتمع الدولي مطلب إغلاق المعابر غير الرسمية ضمن سلّة الشروط لتقديم المساعدة للبنان، وعاد البيان السعودي الفرنسي المشترك الذي صدر بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة العربية السعودية في نهاية الأسبوع الفائت ليُشدد على أهمية مراقبة الحدود بين لبنان وسوريا، حيث يوجد 36 معبراً غير شرعي على طول الحدود البرية بينهما.

وأوضحت الصحافية المتخصصة بالشأن الاقتصادي عزّة الحاج حسن لـ”العربية.نت”: “أن لبنان تكبّد خسائر كبيرة بسبب التهريب، بحيث إن “ثلث الدولارات” التي صرفها مصرف لبنان لتغطية كلفة الدعم للمواد الأساسية هُرّبت إلى سوريا”.

كما شرحت “أن تهريب المحروقات “المدعومة” لسوريا كان لسببين: الشحّ بالمادة في سوريا وتدنّي أسعارها في لبنان، لكن اليوم ومع رفع الدعم عنها فضلاً عن ارتفاع الأسعار عالمياً باتت صفيحة البنزين اللبنانية تساوي 13 دولاراً في السوق السورية، ما يعني أن هامش الأرباح لدى المهرّبين تقلّص بشكل كبير خلافاً للأشهر الماضية”.

إلى ذلك، قالت “يبلغ سعر صفيحة البنزين اليوم في سوريا نحو 15 ألف ليرة أي قرابة 4.5 دولار، وفي لبنان قرابة 300 ألف ليرة، أي 46 ألف ليرة سورية (13 دولاراً)، ما يعني أن سعر صفيحة البنزين في لبنان بات أغلى ثلاثة أضعاف من صفيحة البنزين في سوريا، وبالتالي فإن “التهريب “ما بقا يوفي مع التجّار والمهربين”.

ولفتت إلى “أن السوق السورية لا تزال تُعاني من شحّ بالمحروقات المتوفّرة فقط في السوق السوداء، لكن الفرق اليوم أن الأسعار في لبنان أصبحت أغلى من سوريا، وهذا كان كفيلاً بتخفيض حركة التهريب بشكل كبير بين البلدين”.