كتب غاصب المختار في “اللواء”:
لا شك ان الانهيارات التي تضرب لبنان وشعبه على كل المستويات السياسة والرسمية والاقتصادية والمعيشية تعود في جزء اساسي من اسبابها الى التوتر السياسي القائم، سواء بين اركان الطبقة السياسية الحاكمة او المتحكمة، والى الوضع النقدي –المصرفي المتهالك، ويعود ايضاً الى التوتر مع دول الخليج التي باتت معروفة مطالبها وشروطها لإستعادة العلاقات الطبيعية وتوفير الدعم الاقتصادي المطلوب لإخراج لبنان من محنته. وبالتالي اصبح لا بد من معالجات على اكثرمن خط داخلي وخارجي، بعضها متاح وبعضها الآخر مستحيل او صعب التطبيق.
وإذا كان موضوع العلاقة مع دول الخليج بحاجة الى جهد واتصالات ولقاءات اكثر، وخطوات تنفيذية لبنانية اقلها في الشق الامني والاقتصادي طالما الشق السياسي متعذرحالياً، فإن لهو اركان السلطة بخلافاتهم التي تعطل مجلس الوزراء وتضغط اكثر على الوضع الاقتصادي والنقدي والمعيشي، باتت غير مقنعة للناس طالماانه مقدور على معالجتها بتنازلات اوتدويرزوايا من هذا الطرف السياسي والنيابي والقضائي او ذاك.
وبرغم ذلك، ثمة افكار يجري التداول بها لمعالجة مسألة «الارتياب السياسي» بالمحقق العدلي في إنفجار المرفأ طارق بيطار لفك اسر مجلس الوزراء، حيث ذكرت مصادرنيابية معنية، ان ثمة خطوات لا بد منها من اجل إستئناف جلسات مجلس الوزراء المعطل نتيجة الاعتراض على اداء المحقق العدلي البيطار وطلب تنحيته. واوضحت ان أولى هذه الخطوات تبدأ من المجلس النيابي بتفعيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب وتحديد آلية عمله المتكاملة ولوجرى طرح اقتراح قانون نيابي ببعض التفاصيل الاجرائية لتفعيله، تليها خطوة مكملة لا بد منها وهي تجاوب مجلس القضاء الاعلى، وهذا ما يعمل عليه الرئيسيان نبيه بري ونجيب ميقاتي.
لكن المصادر ذكرت ان العمل يجري ايضاً على حثّ القضاء على تسريع إصدار القرار الظني في تحقيقات انفجار المرفأ للتخفيف من حدة الانقسامات حول الملف، وتسريع البت به وإحالته الى الجهات المختصة ليُبنى على الشيء مقتضاه القانوني. مشيرة الى ان هذه الامور إذا لم تُنجز قبل عطلة الاعياد فإن الحلول ستُرحّل الى العام المقبل، «لأن الحل اما يكون متكاملا بين المجلس النيابي والقضاء وإما لا يكون».
وأبدت المصادر مخاوفها من إطالة الحلول الى ما بعد رأس السنة، إذ عندها تدخل البلاد في دوامة الانتخابات النيابية لجهة التحضيرات اللوجستية والادارية وبدء تطريز التحالفات وتعيين المرشحين وتركيب اللوائح، سواء جرت الانتخابات في آذار اوايار، فتزداد حدة الانقسامات، خاصة ان المرتقب صدور قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن المقدم من «نواب تكتل نواب القوي» قبل عطلة لاعياد، ما قد يُغيّر الكثير من الامور المتعلقة بالعملية الانتخابية سواء تم قبول الطعن او ردّه.
وعلى مسرب آخر يتعلق بارتباط لبنان بالأزمات الخارجية، عادت التسريبات عن اعادة إحياء فكرة عقد مؤتمر دولي يضمن حياد لبنان عن ازمات المنطقة، ربطاً بالزيارة المرتقبة للأمين العام للامم المتحدة انطونيوغوتيريس الى لبنان اواخر كانون الثاني من العام المقبل، وربطاً بالجو السياسي الذي ساد بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والبيان المشترك الذي صدر عنهما، وتضمن مطالبة لبنان بتطبيق القرارات الدولية وعدم التدخل في شؤون الدول الاقليمية، وهو نفس المضمون الذي حملته البيانات الصادرة عن لقاءات بن سلمان خلال جولته الخليجية، والتي يقول اصحاب نظرية التدويل انها لا يمكن ان تطبق إلّا بقرار اومؤتمر دولي جديد «يُلزم» لبنان ببعض الاجراءات.
ولاحظت مصادرمتابعة للموضوع ان بعض التسريبات حول الموضوع تأتي من مقربين من البطريرك بشارة الراعي، وبعضها الآخر من جهات سياسية واعلامية تؤيد التدويل. لكنها اشارت الى ان التدويل لا يمكن ان يحل الازمة بل قد يفاقمها اذا تعرض لأطراف سياسية معنية وطَلَبَ اومَارَسَ الضغط عليها، وقدأظهرت تجارب السنين الماضية ان القرارات الدولية لم تُلزم طرفاً بتطبيقها وتم تجاهلها. وهكذا يكون اي إجراء دولي مضيعة للوقت وعامل توتير اضافي داخلي لا يؤدي الى حل الازمات في ظل الانقسامات والخلافات القائمة.