جاء في “المركزية”:
منذ لحظة نشوب الأزمة بين لبنان ودول الخليج وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، وهي ليست ناجمة حكما عن مواقف وزير الاعلام المستقيل جورج قرداحي بدليل ان استقالته لم تقدم جديدا لجهة بدء الحل، خصوصا ان الاخفاقات اللبنانية تتوالى عوض ان تتخذ خطوات جدية تقنع الخليجيين بتصحيح المسار اللبناني، وآخرها مؤتمر جمعية الوفاق الذي اغاظ انعقاده في لبنان دولة البحرين، مذ ذاك، كثّفت باريس جهودها الهادفة الى فك طوق الحرد الخليجي على لبنان الذي نسّق خريطة الطريق مع الفاتيكان وانطلق منها في جولة اتصالات مع ايران وزيارات للخليج خصص لبنان فيها بالحيز الاكبر في الرياض وتمكن من فتح ثغرة صغيرة في جدار التأزم فكان البيان المشترك بما تضمن من مطالب وشروط واضحة لاعادة الامور الى مجاريها، اعقبته جولة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على دول الخليج لتدمغ ببياناتها المتشابهة المضمون، شروط البيان السعودي- الفرنسي للانفتاح مجددا على لبنان، ما انعكس تشددا واضحا في مواقف حزب الله الذي شرع في تصويب سهامه نحو السراي وشاغله رئيس حكومة “معا للانقاذ” نجيب ميقاتي.
الحكاية لم تنته هنا، فللبحث صلة وللمبادرة الفرنسية تكملة لبنانية- سعودية. بحسب ما تفيد اوساط دبلوماسية “المركزية” الخطوة التالية هي الاصعب. فالرئيس ماكرون يتطلع الى خرق في الجدار الأصلب المتمثل بتأمين زيارة للميقاتي الى المملكة بدعوة او من دونها، وأداء مناسك العمرة مثلا قد يفتح الباب ولكن… وهنا بيت القصيد. ماذا عن مضمون اللقاء ان تأمن؟ ماذا عن ملفات البحث مع الامير المتشدد الذي وضع حدا لسياسة “المسامح كريم” التي انتهجها اسلافه في المملكة؟ ماذا عن الاجابات التي سيقدمها الميقاتي العاجز حتى عن توجيه دعوة الى جلسة لحكومته بفعل تهديد حزب الله الذي ما زال حتى الساعة مبطناً؟ هل سيحمل رئيس الحكومة التي باركها الحزب بعدما كرّس الموقع المالي للشيعة الجواب اليقين للأمير الفذّ او على الاقل وعدا عمليا بتلبية مضمون البيان الفرنسي- السعودي؟ وهل إن وعَدَ يملك القدرة على التنفيذ؟ ولنفترض ان رئيس حكومة لبنان يملك عصا سحرية، فهل ان مفعولها سينسحب على نتيجة لقائه فتكون لديه الجرأة لاعلان وعوده في بيان لبناني- سعودي يفترض ان يصدر بعد اللقاء، وهو العاجز عن رشق الثنائي الشيعي بوردة، ورئيس بلاده لا يجري اتصالا واحدا بحليفه أمين عام حزب الله لحمله على خفض سقف شرطه المتمثل بقبع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من تحقيقات المرفأ التي ينتظر اللبنانيون والعالم نتائجها؟ وهل يملك شجاعة القول او تضمين البيان ملف حزب الله جهارا وتداعياته الكارثية على لبنان؟
سيل من الاسئلة يرتسم في الافق، هذا غيض من فيضها، كلها خاضعة بحسب الاوساط للبحث والتمحيص بين الرياض وباريس وبعض الوفود اللبنانية السياسية الموجودة في المملكة لايجاد المخرج، وهو صعب ان لم يكن مستحيلا. لكن السعي قائم والنية الفرنسية بتحقيق الهدف موجودة، والرياض مستعدة لاعادة سفيرها الى بيروت بعد الزيارة في ظل ضغط دولي -اقليمي بخاصة اميركي -مصري -فرنسي لاتمامها تعزيزا لموقع وموقف ميقاتي داخل لبنان ومساعدته في انجاز المهمة الانقاذية بدعم شبيه بالذي حظي به الرئيس الراحل رفيق الحريري، وفق الاوساط.
لكنّ القصة اكبر من زيارة، انها بيان التزام ومسؤولية لا يمكن ان يتحملها ميقاتي وحده كما ثقل الزيارة التي ان حصلت ستفتح ابواب جهنم على رئيس حكومة لبنان من حزب الله.