جاء في المركزية:
على خط تناوب المساعي الهادفة إلى محاولة إنقاذ لبنان من السقطة المدوّية، وكل المؤشرات توحي باقتراب موعدها في ضوء المعطيات الميدانية التي تضيف كل يوم الى سيل الازمات ازمة، والمواقف السياسية المتصلبة التي تجمد العمل الحكومي، تنشط دوائر الكرسي الرسولي خلف الكواليس على اكثر من خط سياسي واجتماعي، فيما تترك الدور العلني للاعب الفرنسي الذي يؤديه بدرجة “لا بأس” وقد انتجت اتصالاته مع الخليجيين ولو في جزء يسير بعض الليونة المنتظر ان تلاقى لبنانيا.
في اطار هذا الدور حطّ اليوم في السراي الحكومي السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري. اجتمع مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقال على الاثر “كان اللقاء وديا بعد زيارة الرئيس ميقاتي للفاتيكان ولقائه مع الأب الأقدس. تطرقنا للمبادرة التي يمكن القيام بها سويا مع كل المؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية لمساعدة لبنان في المجال الاجتماعي، وذلك من اجل مساعدة الفقراء والنظر في كيفية مساعدة المدارس، والمؤسسات الأخرى التي تعمل أيضا على مساعدة الفقراء”.وردا على سؤال عن امكان زيارة البابا فرنسيس لبنان قريبا، قال “ان شاء الله، ولكن لن تكون قريبة جدا نظرا للمسائل العملية والتقنية، ولكن سيزور مسؤولون من الفاتيكان لبنان قريبا، وأتمنى ان نرحب بالبابا فرنسيس في لبنان السنة المقبلة”.
وفق ما بات معلومًا، فإن المسؤول الفاتيكاني الزائر هو وزير الخارجية بياترو غالاغر الذي تحدثت المعلومات عن زيارته لبنان قبل نهاية العام للاطلاع على الاوضاع وتكوين صورة شاملة عنها لنقلها الى البابا فرنسيس ليتثنى في ضوئها اتخاذ القرار حول امكان او عدم امكان زيارته لبنان في ظل الاضطرابات على ساحته اضافة الى تحديد وجهة بوصلة المساعي الانقاذية مع الدول المعنية به لا سيما الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وروسيا سعيا لاستنباط مخرج للازمات التي تعضف به من الداخل والخارج وما مضمون البيان المشترك الفرنسي- السعودي بشقه اللبناني سوى الدرب الاقصر لانقاذ وطن العيش المشترك من الانهيار.
في هذا السياق، ينقل سياسيون عن مسؤولين فاتيكانيين تخوفهم الجدي على صيغة وفرادة لبنان ونموذج العيش المشترك فيه، وهو عوض ان يشكل النموذج الراقي لسائر البلدان ينسفه بإرادة اهل السياسة الذين سخروا النظام لمصالحهم الشخصية وانتقوا منه ما يناسبهم تاركين الجزء الاهم للاهمال وعدم التنفيذ ما ادى الى الارتطام الكبير. واذ يبدي هؤلاء استياءهم من الانقسام السياسي الذي يعطل الدولة ويدخل البلاد في خطاب طائفي متشنج، يؤكدون ان لا مساعدات من دون اصلاحات الا للشعب وعبر المنظمات غير الحكومية بفعل انعدام الثقة بالدولة ومن يديرون شؤونها وهم لا يتوانون عن ارتكاب الموبقات ويعمل بعضهم من تحت الطاولة لتطيير الانتخابات النيابية منعا للتغيير الذي قد لا ياتي لصالحهم.
ويقول مصدر دبلوماسي غربي لـ”المركزية” ان فرنسا ستعمد بعد ترؤسها الاتحاد الاوروبي مطلع العام الى حث الاتحاد على فرض عقوبات مشتركة مع واشنطن على لبنانيين يعطلون الحكومة والانتخابات ويعرقلون تنفيذ الاصلاحات.
موقف الفاتيكان واضح، يؤكد المصدر، فالكرسي الرسولي لا يؤيد فكرة عقد مؤتمرات لتغيير النظام في لبنان كإطار حل يطرحه بعض اللبنانيين، لأن الطائف هو النظام الامثل وما على لبنان سوى احترامه وتنفيذه بكامل بنوده وليس مجتزءا كما يتعاطى معه من يدير السلطة اليوم. وحينما يفعلون سينقذ لبنان نفسه بنفسه من دون وساطات الخارج. آنذاك ستُغدق عليه المساعدات وتفتح له ابواب خزائن الدول. ولكن فليقدم اولا.