جاء في المركزية:
تمكن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان من تأمين إجماع حول البيان المشترك الذي صدر في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرياض حول لبنان وخريطة طريق خروج لبنان من ازمته وعزلته الخليجية، والذي تُوّج ببيان مجلس التعاون الخليجي، خلال قمته الـ42 في الرياض، والذي دعا السلطات اللبنانية إلى إجراء إصلاحات شاملة ومنع ”حزب الله” من “ممارسة نشاطاته الإرهابية”.
وقال الأمين العام للمجلس نايف فلاح الحجرف، خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء أعمال القمة، إن الاجتماع قرر مطالبة “لبنان باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالإصلاحات الشاملة ومكافحة الفساد وبسط السيطرة على سيادته وكافة مؤسساته ومنع “حزب الله” الإرهابي من ممارسة نشاطاته الإرهابية واحتضانه ودعمه للتنظيمات والميليشيات الإرهابية المزعزعة للأمن والاستقرار في الدول العربية لتنفيذ أجندات دولية وإقليمية”.
وشددت القمة “على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني وضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية والتشديد على مراقبة الحدود واتخاذ الإجراءات الكفيلةبردع استمرار تهريب المخدرات من خلال الصادرات اللبنانية تجاه المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون”. واستنكرت “استمرار التصريحات المسيئة تجاه دول مجلس التعاون وشعوبها وإقامة مؤتمر صحافي في بيروت تعرض لمملكة البحرين”. فهل سيلاقي لبنان هذه المطالب الى منتصف الطريق؟
مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “أهمية ما حصل منذ زيارة ماكرون والبيان المشترك بين السعودية وفرنسا أرسى الثوابت، ومن ثم جاءت الجولة العربية لبن سلمان والقمة العربية لتُثبّتها، والأهم أنها وحدت الموقف الخليجي، الذي كان موجودا حول مسائل عدة، وبتنا اليوم أمام زخم جديد. يمكن القول ان هذه الدول كانت تتمايز في السابق، لكن الجولة الخليجية والقمة التي حصلت وحّدت الموقف من جديد فأصبح يتحدث بصوت واحد وبات من الصعب اللعب على التمايزات، وأكد في الوقت نفسه على هذه الثوابت، اي القرارات الدولية 1701 و1559 و1680 وحتمية وضرورة حل مسألة حصرية السلاح بيد السلطة اللبنانية، وعدم التدخل بسياسات الدول الخليجية، ولبنان لا يمكنه ان يكون منصة للمواجهة الاعلامية، او اطلاق حرب اعلامية او لتصدير الكابتاغون. اما بشأن المساعدات فعدنا الى الإجماع الدولي الذي حصّن مسألة الانقاذ الاقتصادي وربطها بالاصلاحات اولا واستعادة الدولة لسيادتها ثانياً وبكل ما ذكرناه في الموضوع السياسي”.
هل لبنان قادر على تلبية مطالب الخليج؟ يجيب نادر: “اليوم حكومة لبنان لا تجتمع بسبب الانسداد السياسي الحاصل وإصرار حزب الله على موقفه، وكي يتمكن لبنان من القيام بالمطلوب، عليه اولا القيام بخطوة اساسية من قبل حزب الله باتجاه دول الخليج وأهمها وقف الحرب الاعلامية ووقف التدخلات بالحروب بالوكالة التي تستهدف الدول العربية، وايضا هناك جزء مطلوب منه في الداخل اللبناني اي تسهيل العمل الحكومي والاهم من كل ذلك، المطلوب منه ومن شركائه في السلطة مسألة تسهيل وتنظيم الانتخابات النيابية في مواعيدها”.
وفي سياق متصل، تشير معلومات صحافية الى ان خلال زيارة بن سلمان الى قطر، والتي تزامنت مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إليها، قامت وساطات لجمع الرجلين في الدوحة، حيث اعتقدت قطر انها نجحت من خلال الاتصالات التي اجرتها لتأمين لقاء في الدوحة بين الرئيس التركي وولي العهد السعودي، إلا ان حادث باريس الأخير بتوقيف رجل سعودي متهم بالمشاركة في قتل الصحافي عدنان خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول طيّر الاجتماع بعدما تبين ان فرنسا اوقفت السعودي بناء لمعلومات تركية تبين لاحقا انها غير دقيقة فأفرجت عن السعودي الا ان الحادث نسف مساعي قطر في ترتيب لقاء تركي سعودي وعودة العلاقات بين البلدين. فلماذا أُلغي الاجتماع؟
وهنا يقول نادر: “لا شك ان الجليد انكسر مع زيارة قطر، ولكن اليوم كي تجتمع تركيا والسعودية يجب ان يتم ذلك على اساس عقد، او ان يكون هناك امر ما قد أُنجز، وان تكون المصالحة العربية قد توطدت أكثر لا سيما مع قطر، والتي تسير برأيي على المسار الصحيح. كما يجب ان تترافق ايضاً مع خطوات من قبل تركيا باتجاه بعض الملفات الاساسية منها ما له علاقة بافريقيا، اثيوبيا والصومال وبسوريا وليبيا ايضا، هناك اكثر من ملف غير ان هناك تمايزا حتى لا نقول مواجهة في بعض الاحيان بين تركيا والبلدان العربية وعلى رأسها السعودية، اذاً، الامور تسير على الطريق الصحيح والا لما كانت حصلت المصالحة العربية وعودة قطر الى الحضن الخليجي بهذا الشكل لو لم يصر الى انجاز خطوات في هذا الاتجاه وقطع مسافة، لكن بالنسبة لتركيا الامور قد تأخذ مزيدا من الوقت كي تتطبع مجمل هذه الملفات، رغم انه تم انجاز اكثر من الخطوات كالتقارب مع الامارات ومصر ولكن ربما قد يكون هناك امور إضافية يجب ان تتم على مستوى الملفات الاخرى”.