كتب عماد موسى في نداء الوطن:
لكل من الجنرال و”الإستيذ” تاريخ مجيد ومديد في تعطيل عمل المؤسسات الشرعية والإستحقاقات الدستورية. وبين الرئيسين مباريات ثأرية قديمة وجديدة في الكباش، باليدين اليمنى واليسرى، وفي رفع الجرن والمخل وجولات من الملاكمة التي يبرع فيها الرئيسان بالضرب تحت الزنار. والرئيسان الطاعنان في الخبرة، لاعبان محترفان وعنيدان ويدّعي كلّ منهما أنه على حق منذ ولدته أمه في العقد الرابع من القرن العشرين.
ومن خارج اصطفاف العونيين الأطهار، و”ثنائي الإبتزاز الوطني” يتعاطى جمهور المتفرّجين الوسطي مع البطلين على أساس تشجيع اللعب النظيف. وأحياناً يناصر الوسطيون بعبدا وأحياناً ينتصرون لعين التينة. ويصدف أن ترصد في الصفوف الخلفية من المتفرجين من يحب انتهاء مسلسل المواجهات بالضربتين الفنيتين القاتلتين في لحظة واحدة. أمرٌ لم يحدث سابقاً في حلبات الملاكمة. احتمال حدوثه ضئيل كأن يسقط البطلان معاً مغشياً عليهما وتنتهي اللعبة بإعلان الحكم التعادل السلبي.
في الساعات الـ 48 الماضية رأس الزميل النقيب جوزف القصيفي وفد مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية المنتخب حديثاً، وقابل الوفد بطلي الكباش، رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، وقد أفاضا، كلّ بأسلوبه، في التعبير عن محبتهما لشعب لبنان البغل. ورجاء الّا يساء فهم القصد من وصف شعبنا الأبي بالـ”بغل”. هو بغل في صلابته. بغل في الفلاحة. بغل في قدرته الهائلة على حمل الأثقال. بغل في الاستيعاب. من هنا ضرورة تكثيف اللقاءات مع أباطرة الفهم والقيادة الحكيمة والكلمة الطيّبة.
واضح في كلام الرئيسين، الأول والثاني، الهوة الآخذة في الإتساع بينهما حول أداء المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، وما ليس مفهوماً جدوى الضغط على رقاب الناس الفقراء. أبتعطيل مجلس الوزراء، المطلوب منه وقف التدهور المعيشي والمالي، ينتظم عمل القضاء، ويعود سهيل عبود إلى جادة الصواب التي تربط أطراف بير العبد بعين التينة؟ وماذا لو تنحى البيطار وجيء بمحقق عدلي ثالث وسلكَ مسلك سلفيه؟ ماذا سيفعل إذ ذاك الرئيس بري والحاج وفيق؟
رئيس يعطل مجلس الوزراء لحماية وزيريه من البهدلة، لا أكثر. ورئيس يعطل مجلس النواب كردة إجر لا فعل. ومصلّحو الأعطال عاطلون عن العمل. وإلى ما يرتكبه الرئيسان من أفعال دستورية، فهما يتميزان بمعرفة شمولية، وأشهد أن الرئيس بري أبكاني وأدهشني في آن.
أبكاني تأثراً قوله أنه “غير مستعد لتشريع اي شيء حتى لو اتهموا المجلس النيابي بالتمرد قبل تأمين ودائع الناس كاملة حتى آخر قرش” ودائع كاملة؟ أنا أقبل بنصفها، بربعها. وإذا أعدتها كاملة دولة الرئيس سأرفع لك نصباً بشارع مار متر.
وأدهشني الإستيذ بمثل جديد أخرجه من جعبته في سياق كلامه الشيّق “بس يطلع صيتك انك حصاد بتحط منجلك وبتستريح”.
فهل سيدهشه هذا المثل اليوناني “لا يتعلم البغل السباحة إلا بعد أن تصل المياه إلى أذنيه؟”.