اعتبر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أنه “قد يظنُّ كثيرونْ، أَنه زمنُ الإحباطْ، لكنهُ زمنُ الأملِ أيضاً،بدايةً، قد يظّنُ البعضْ، أَنه زمنُ اليأسْ، لكنهُ زمنُ الصمودِ أيضاً، قد يظنّ آخرونْ، أَنه زمنُ السقوطْ، لكنهُ سيتحوّلُ حتماً زمناً للنهوضْ، إِنه في الحقيقةِ والواقعْ، زمنٌ لتكريسِ استقلاليةِ السُلطةِ القضائيةْ، فلنكنْ جميعاً جُدداً وقُدماء، قضاةً متضامنينْ موحّدينْ تحتَ رايةْ هذه الإستقلاليةْ، دفاعاً عن قضيةٍ قضائيةْ، لا ينالُ منها تعرّضٌ أو تهجّمٌ أو تجنٍّ أو كلامٌ غيرُ مسؤول”.
وأضاف، في حفل قسَم اليمين القانونية للقضاة المعينين في القاعة الكبرى لمحكمة التمييز – قصر عدل بيروت: “أمّا بعد، دقّت لحظةُ الحقيقةْ، لحظةُ القسَم، لحظةُ الالتزامْ الذي لا رجوعَ عنْه؛ لحظةٌ، تمهدُ مسارَ مسؤوليةٍ كبيرةٍ وجسيمةْ، هي مسؤوليةُ الحُكمِ باسمِ الشعب اللبناني؛ لحظةٌ، ترتّبُ موجباتٍ والتزاماتٍ، ينأى عنها كثيرونْ، ويعجَزُ عنها قديرونْ، لحظةٌ، يتردّدُ صداها مُدوّيّاً، لدى ضميرِ أكثريةٍ من قُضاةٍ، ارتضتْ المناقبيّةَ مَنهجاً، والاستقلاليةَ طريقَ حياةٍ وعملْ. وبعد، بإسمِ مجلسِ القضاء الاعلى، وباسمي زميليّ القاضيين روكس رزق وسهير الحركة، وبإسمي الشخصي، أتوجّهُ بالتهنئةِ لكُم على ما انتُم عليهْ، نتيجةَ جُهدِكم وعملِكم، كما أوجّهُ الشكرَ الى رئيسةِ معهدِ الدروس القضائية، القاضية ندى دكروب، على ما بَذَلته في مَعرِضِ مواكبتِها ورعايتِها لمسارِكُم، طِوالَ فترةِ التدرجْ، مثمّناً صمودَكم الكبيرْ، في ضوءِ ظروفٍ بنيويّةٍ، واقتصاديةٍ وصُحيةٍ صعبةْ وقاسية”.
وتابع: “ولنُكمِلْ هنا ما بدأناهُ مصارحةً، ولنواجهْ الحقائقْ كلَّ الحقائقْ، فأسألُ عنكم، وأتساءلُ معكم، ما هوَ المطلوبُ من القضاءِ! ما هوَ المطلوبُ منا! ما هوَ المطلوبُ منكم! إذا كان المطلوبُ، أن يكونَ القاضي مستقلاً، ونزيهاً، أن يكونَ منتجاً ومتجرّداً وحراً، وإذا كان المطلوبُ أن يكونَ القضاءُ غايتَنا الوحيدةْ ولا غايةَ سواها، لا أن يكونَ وسيلةً إلى مناصبَ سياسيةٍ أو مواقعَ أخرى، فهذه نظرتُنا الى القضاءِ، الذي ترغبونَ ونرغبُ فيه، وما أفترضُه في رؤيتِكم له أيها الزملاءْ الجدد، وهذا هو القضاءُ القضيةْ، الذي نعملُ له جميعاً، ونسعى إليه. أما اذا كانَ المطلوبُ، أَن يكونَ القاضي مُستقلاً، ولو مع قليلٍ من تبَعيّة، أَن يكونَ القاضي نزيهاً، ولو مع قليلٍ من استنسابيةْ، وإذا كانَ المطلوبُ، أَن يكونَ القاضي متجرداً، ولو مع قليلٍ من تحيزْ، وأن يكونَ القاضي فاعلاً، ولو مع قليلٍ من انتاجيةْ، فنحنُ جميعاً لمْ ولنْ نرتضي، قضاءً فاقداً لِعلةِ وجودِه ولمُبررِ غايتِه، قضاءً فاقداً لشرعيتهِ ومشروعيته، بل نُريدُهُ قضاءً حُراً ومتحرراً، يعمَلُ في خِدمةِ الشعبِ الذي يحكُم باسمِه، بعيداً عن كلِ تحيزٍ أو استنسابيةٍ أو فئويةٍ، ومتمتعاً بحُريته واستقلاليته غيرِ المنقوصتين. مع التأكيدِ أيضاً، أَنه إذا دخلتْ السياسةُ أبوابَ المحاكمِ، خرجتْ العدالةُ مِنها”.
وختم قائلًا: “إِن لبنانَ بحاجةٍ إليكم، إِن القضاءَ ينتظرُكم، فلبّوا نداءَ الواجبِ دونَ خِشيةٍ من عَواقبْ، فتسمو العدالةُ بِكم ومعكُم، وينتظمُ الحقُ، في وطنٍ هو أحوجُ ما يكونُ إلى العدالةِ والحقْ. وأنهي بما دَعوْتُكم دائماً إليه : كونوا قضاةً وقضاةً دائماً. كونوا قضاةً وقضاة فقط. عِشتُم، عاش القضاءُ المستقلْ، عاشَ لبنانْ”.