جاء في “المركزية”:
ليس عاديا خبر زيارة الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، لبيروت، الاحد، بل ان الجولة التي سيقوم بها “شخصيا” في لبنان، وتستمر حتى الاربعاء المقبل، مثقلة بالمعاني والدلالات والرسائل بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
امس، كُشف النقاب عن النبأ حيث اوضحت الامم المتحدة في بيان مسائي ان “في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، ستكون هذه الزيارة ذات طابع تضامني سيُعيد خلالها الأمين العام التأكيد على دعم أسرة الأمم المتحدة برمّتها – البعثة السياسية وقوات حفظ السلام والعاملين في مجالات الدعم الإنساني والاغاثي – للبنان وشعبه”.
وسيلتقي الدبلوماسي الاممي، دائما وفق البيان، الرؤساء الثلاثة وعددا من القادة الدينيين وممثّلين عن المجتمع المدني. كما سيقف دقيقة صمت في مرفأ بيروت “تكريماً لأرواح الضحايا” ثم يقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها المتضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد. ثم يزور الجنوب لتفقد قوات “اليونيفيل” والقيام بجولة على الخط الأزرق.
صحيح ان عنوان الزيارة هو “التضامن مع لبنان”، خصوصا وانه يمرّ في محنة اقتصادية صُنّفت من الاقصى والاصعب على المستوى العالمي في العقود الماضية، وقد بات اكثر من نصف شعبه تحت خط الفقر “المدقع”، لكن الرجل سيحمل في جعبته “عصا” ايضا، سيشهرها في وجه المنظومة الحاكمة. فهي في نظره، ونظر المجتمع الدولي بأسره، “متواطئة” على شعبها، وتُفاقم معاناته وآلامه، بفعل صراعاتها السياسية الضيقة ومناكفاتها اللامتناهية. وعليه، سيطالبها بضرورة وقف مماحكاتها وتحرير مجلس الوزراء والشروع فورا، اليوم قبل الغد، في ورشة الاصلاحات الضرورية المنشودة للجم الانهيار اللبناني من جهة وتسهيل الاتفاق مع صندوق النقد وتشجيع الدول المانحة على مساعدة لبنان – الدولة، مذكّرا اياها ان “لا مساعدات مجانية بعد اليوم”.
غوتيريش الذي سيتفقّد الركام في المرفأ، سينبّه السلطات السياسية من مغبّة الذهاب ابعد في عرقلة التحقيقات الجارية لكشف حقيقة ما حصل في 4 آب، وسيحذّر من محاولات ترويع القضاء وتدجينه.
الا ان الجانب الذي يكاد يكون الابرز في حضور رأس الامم المتحدة الى بيروت، معنويّ. ففي خضمّ الموجة الآخذة في الارتفاع عربيا وغربيا، التي تطالب لبنان بتطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها الـ1701 والـ1559، والتي تلتقي على ضرورة حصر السلاح في يد القوى الشرعية اللبنانية، وعلى اهمية منع اي نشاط عسكري جنوبي الليطاني الا للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، تشكّل زيارة الرجل الاوّل في المنظمة الأممية التي صدرت عنها هذه القرارات، جرس انذار يُراد منه ايقاظ المنظومة وتذكيرها من جهة بأن هذه القرارات وُجدت لتُطبّق، وبأنها اي المنظومة، كانت تعهّدت بأنها ستنشئ طاولات حوار لدرس الاستراتيجية الدفاعية، وبأنها تلتزم الـ1701، ولم تنفّذ ايا من تعهداتها: فلا حوار حصل فيما “حزب الله” لا يزال يحفر الانفاق نحو اسرائيل جنوبا… وهذا ما لم تعد العواصم الكبرى والامم المتحدة، قادرة على السكوت عنه اكثر.