كتبت صحيفة “اللواء”:
قد تكون العبارة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: “أحث القادة اللبنانيين على أن يستحقوا شعبهم” من قصر بعبدا، مستهلاً باكورة لقاءاته مع المسؤولين الكبار، قبل الاجتماع إلى المراجع الروحية، وشبان وشابات من المجتمع المدني، وتفقد مكان انفجار مرفأ بيروت قبل عام ونصف، إضافة إلى زيارة مقر اليونيفل في الجنوب “كجزء من الالتزام باستقرار لبنان” كفيلة بالإضاءة على البون الشاسع بين أداء المسؤولين والظروف القاهرة التي ساهموا في صنعها، لقهر الشعب اللبناني بـ”نسيجه الاجتماعي – الثقافي المليء بالحياة”.
وبصرف النظر عن العناوين العريضة التي تحدث عنها الرئيس ميشال عون، والتي تقاطعت عند التحقيق الجنائي وخطة التعافي، والمضي بالمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، إضافة إلى إعادة النازحين وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، مرحباً بدور للأمم المتحدة لجهة المراقبة والمتابعة، فإن بعضاً من عناوين الزائر الأممي التقطت أو تقاطعت لكنها ذهبت إلى نزع الحق الشرعي عن المسؤولين “إزاء الانقسام وشل البلد”، داعياً المجتمع الدولي “لمواكبة الكرم اللبناني تجاه اللاجئين السوريين”، معتبراً ان الانتخابات النيابية المقبلة “ستكون المفتاح، وعلى اللبنانيين الانخراط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدم البلد”، مشدداً على دعم الجيش والقوى الامنية وتمويل برنامج الأمم المتحدة للدعم الإنساني، الذي لم يتجاوز من الدعم سوى 11%، مشدداً على الالتزام بالقرار 1701، والمحافظة على وقف الأعمال العدوانية عند الخط الأزرق.
وأفادت مصادر مواكبة لاجتماع غوتيريش في بعبدا مع عون لـ”اللواء” ان المسؤول الدولي ركز على ضرورة تكاتف المسؤولين السياسيين لأن الوضع في لبنان لم يعد يحتمل، وبالتالي لا بد من اتخاذ مواقف سريعة. ولفتت إلى أن غوتيريش أقر بإدراكه الصعوبات، لكن شدد على ضرورة أن تصل القيادات الى اتفاق في ما بينها على النقاط التي تهم لبنان. وكشفت أن غوتيريس أكد أن الامم المتحدة تقوم بكل ما يمكنها القيام به لمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه كما أنها تضغط لمصلحة لبنان وتتدخل في المواضيع التي تطلب منها، لكن المشكلة الداخلية يجب ان يحلها اللبنانيون ومن هنا أتى تركيزه على التضامن لحل الأزمة ومنع الخلاف. إلى ذلك عُلم أن غوتيريس ركّز على ملف الانتخابات وموضوع الكوتا، وقدر التزام لبنان بحقوق المرأة كما تطرق الى مكافحة الفساد والعدالة وأهمية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
من جهته، قدّم مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا تقريرا عن الوضع الامني في الجنوب، وأشار الى شراكة الجيش مع اليونيفيل فضلا عن الصعوبات التي تواجهها اليونيفيل بتحركاتها في القرى الجنوبية. وتوقف عند الانتهاكات الإسرائيلية، وركز كذلك على ضرورة عدم حدوث خلل ومساعدة اليونيفيل على تنفيد المهمات بالتعاون مع الجيش. وأشار إلى استمرار تقديم المساعدات للجيش. وكان تركيز على متابعة المفاوضات مع اسرائيل وضرورة للعمل على المحافظة على الاستقرار على الخط الازرق.
ولاحظت المصادر أن غوتيريش شدد على الجهد الداخلي المطلوب لحل القضايا السياسية . وقالت أنه ابدى استعداد الأمم المتحدة لدعم لبنان في كل ما يطلبه منها.
وكشفت مصادر سياسية النقاب عن ان جميع المخارج المطروحة لحل ازمة تعليق جلسات مجلس الوزراء مجمدة، بانتظار تطور الأوضاع داخليا، بما يتعلق اولا، بالقرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري، بخصوص الطعن المقدم من كتلة التيار الوطني الحر، وماذا كان يمهد لمقايضة مرتقبة بخصوص فصل ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين عن ملاحقة بقية الموظفين والعسكريين والمدنيين بملف تفجير مرفأ بيروت، ام لا، او الاتفاق على مخرج اخر يقترحه وزير العدل على مجلس الوزراء بهذا الخصوص، برغم المحاذير الموجودة لاعتماد اي مخرج من المخارج المطروحة، ومدى انعكاساته شعبيا على ابواب الانتخابات النيابية، وخارجيا،لدى المجتمع الدولي الذي يصر على متابعة التحقيق لكشف الحقيقة كاملة.
واشارت المصادر الى ان جميع المسؤولين أصبحوا محشورين، ولم يعودوا قادرين على الاستمرار بالوضع المتردي السائد حاليا،والتذرع بمطلب او شرط الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لتعليق اجتماعات مجلس الوزراء، لان الوقت المسموح لهم انقضى من دون جدوى،ولم تعد اعذار التخوف من الأسوأ وتفجير الحكومة وما شابه من حجج، تسمح بمزيد من التعطيل، لان كل الامور تنزلق نحو الأسوأ، فماليا،بلغ سعر صرف الدولار اعلى مستوياته، الكهرباء انخفض منسوب التغذية، برغم كل وعود زيادة رفعها الى عشرساعات، مصالح المياه شبه معطلة ومعظم المواطنين يشترون المياه بالصهاريج، اسعار الوقود حلقت بالاعلى الى مستويات قياسية، اسعار الادوية زادت عشرة اضعاف او اكثر، وفقدت انواع عديدة من السوق، ناهيك عن الارتفاع الجنوني، لاسعار المواد الغذائية الاساسية وتكاليف المعيشة على كل المستويات،فيما المواقف الدولية ،لاسيما الموقف الاميركي الاخير الصادر عن البيت الابيض، والذي يعتبر ان لبنان في طريقه ليكون دولة فاشلة، تؤشر الى ان وقت السماح اما الحكومة العتيدة،بات قصيرا، وان نوايا غير مريحة تجاه لبنان،باتت تلوح بالافق، وتتطلب تغيير سلوكية المسؤولين والاطراف الممسكين بزمام التعطيل، ووجوب انهاء الشلل الحكومي بسرعة.
واعتبرت المصادر ان مواقف وتصريحات المسؤولين كلهم، لم تعد مسؤولة، لانهم، لايتجرأون على كشف الحقائق امام الناس، الا اذا كانوا يراهنون على تقطيع مزيد من الوقت، بانتظار ان يفرج حزب الله، عن مجلس الوزراء، وهو الذي تصدر حملة تنحية القاضي البيطار لطمس معالم التحقيق بالتفجير، منعا لانكشاف امر ما بالملف،يطاله اوحلفاء له.
وتشير المصادر الى ان من الاسباب غير المعلنة لتعطيل جلسات مجلس الوزراء، الخلاف الحاد على موضوع، اصدار سلة من التعيينات في المراكز والمواقع الوظيفية المهمة،بمختلف مؤسسات وادارات الدولة، لا سيما بعدما تكشف عن تحضيرات اعدها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ومهد لها بنقاش تمهيدي، مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما تسبب بنقزة لدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري واطراف آخرين.
وأشارت المصادر الى ان رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، يسعيان من خلال التفاهم مع الرئيس ميقاتي، ومن خلال اعتماد صيغة المحاصصة، وإطلاق يده بملء الوظائف المخصصة للسنّة، تعيين موظفين تابعين للتيار الموالين له،بمجمل المواقع المخصصة للمسيحيين، في مختلف الدوائر الحكومية، ومن بينها بالهيئات الناظمة بالهاتف وقطاع الخليوي، وبالكهرباء خصوصا، برغم الانعكاسات السلبية لمثل هذه التعيينات، لدى الدول والمؤسسات الدولية المانحة، وتعارضها مع وعود الاصلاح الضرورية،والتي باتت حبرا على ورق،بعد الالتفاف عليها،وعدم قيام الحكومة بما يلزم لاعتمادها والعمل بموجبها.
واعتبرت المصادر ان عون وباسيل، يحاولان استغلال الفراغ الحاصل بالادارات، وللاستفادة من هذه التعيينات، الى اقسى قدر ممكن، ان كان على صعيد توظيفها بالانتخابات النيابية المقبلة لتعويم التيار شعبيا، او على المدى البعيد ،لتعيين موظفين محسوبين للتيار، على أمل التحكم بهذه المواقع مستقبلا، بما يعود بالفائدة سياسيا وماديا على التيار الوطني الحر، باعتبارها فرصة مؤاتية، قد لا تتكرر في مسيرة التيار السياسية مستقبلا. اما الهدف الاهم الذي يطمح العهد إلى تحقيقه من عملية التعيينات التي سيتم التسويق لها ،للنهوض بالادارة ومكافحة الفساد المزعوم في مفردات التيار العوني، والنهوض بالقطاع المالي والاقتصادي المتدهور، تمرير صفقة تشمل ازاحة جميع خصوم التيار والعهد من المراكز الحساسة، وهم لطالما تعرضوا لحملات منظمة لتشويه سمعتهم زورا، تمهيدا لتعيين موالين للتيار العوني مكانهم، وفي مقدمتهم، مطلب اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتعيين بديل عوني له، وتغيير رؤساء واعضاء مجلس إدارات المؤسسات التابعة للمصرف المركزي، وهي شركة طيران الشرق الاوسط، انترا،وكازينو لبنان. وترددت معلومات في وقت سابق ان الشخص المقترح ليحل محل سلامة هو منصور بطيش، وزير الاقتصاد السابق الذي لم يترك بصمة ايجابية واحدة، إبان توليه منصبه.
الا ان المصادر اعتبرت ان خطوة التعيينات، بهذا الحجم المطروح، دونها موانع وخطوط حمراء، تتخطى طموحات رئيس الجمهورية وباسيل، للاستئثار بالمواقع الاساسية في الدولة، لانها بحاجة الى اتفاق، مع رئيس الحكومة وتوافق مع باقي الاطراف السياسيين المشاركين بالحكومة وحتى خارجها، وهو توافق غير متوافر بحده الادنى، في ظل الخلاف السياسي المتفاقم نحو الأسوأ،مايجعل المضي قدما في التعيينات مستحيلا، بإستثناء الضروري منها، لتسيير متطلبات، الملفات والمسائل المتعلقة بالإصلاحات بالكهرباء وغيرها، اذا قيض للحكومة الحالية مقاربتها والبت فيها،وهذا دونه صعوبات في العهد الحالي.
من جهة ثانية، لاحظت المصادر ان زيارة رئيس المجلس السياسي لحركة حماس بالخارج خالد مشعل،الى لبنان، تخللها محاصرة ومقاطعة مكشوفة من قبل حزب الله ،وايحاء للعديد من الشخصيات لمقاطعته وإلغاء مواعيد كانت حددت له سابقا، على خلفية استمرار الخلاف الحاصل معه، جراء الحرب في سوريا،وانحيازه مع قسم كبير من الحركة للوقوف الى جانب الشعب السوري المنتفض ضد نظام الاسد.
وقبل أن ينتقل المسؤول الأممي الى عين التينة، سجل موقف للرئيس نبيه بري تضمن رؤيته للوضع الراهن، والمخاوف المتعددة من بطء المعالجة السريعة للأزمات المتكاثرة، خشية الوقوع في الأسوأ.
وحسب الرئيس بري فإن قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن المقدم من التيار الوطني الحر، والذي سيصدر اليوم أو غداً على أبعد تقدير، من شأنه أن يوفر ديناميات جديدة لحركة المساعي ويمكن أن يبنى عليه، بصرف النظر عن مضمونه أو اتجاهه.