Site icon IMLebanon

دريان: الشعب اللبناني يعيش مأساة إنسانية لا يستحقها

أعلن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن “دار الفتوى الإسلامية، تقدر كل التقدير، الدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة، في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين في العالم. كما تتوجه إلى أمينها العام أنطونيو غوتيريس بالشكر على مبادرته المسؤولة، في الاجتماع إلى المرجعيات الدينية في لبنان، للاستماع إلى آرائهم، والاطلاع منهم على ما يعانيه لبنان من مشاكل اقتصادية ومالية واجتماعية، وما يتعرض له من مخاطر وتحديات على أمنه وسلامة استقراره”.

وأضاف، خلال لقائه وقادة روحيين غوتيريش: “ان دار الفتوى الإسلامية، من موقعها، الديني والوطني ، تؤكد احترامها لدستور البلاد، والتزامها أحكامه، ودعوة اللبنانيين جميعا والمسؤولين، للتقيد بمضمونه، نصا وروحا، والاحتكام إليه في كل ما يتعلق بشؤون الحكم، وإدارة أعمال الدولة. وإن دار الفتوى، انطلاقا من أحكام هذا الدستور، تؤكد المبادئ الأساسية والجوهرية التي يقوم عليها نظام الحكم في لبنان، ومنها، وفقا لما جاء في مقدمته:

1-إن لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضا وشعبا ومؤسسات.

2-إن لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية، وملتزم مواثيقها، وهو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة، وملتزم ميثاقها، والدولة اللبنانية تجسد هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.

3-إن لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل.

4-إن النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، وتوازنها وتعاونها.

5-إن النظام الاقتصادي حر، يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة.

6-إن الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، ركن أساسي من أركان وحدة الدولة، واستقرار النظام.

7-إن أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها، والتمتع به في ظل سيادة القانون. فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تقسيم ولا توطين”.

وتابع: “كما تؤكد دار الفتوى تمسكها بالعيش المشترك الإسلامي-المسيحي، الذي تعتبره جوهر وجود لبنان، وحجر الزاوية في الاجتماع السياسي اللبناني، وفي بناء الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، والضمانة الحقيقية لسيادة لبنان وحريته واستقلاله، والذي يجسد إرادة اللبنانيين الجامعة في العيش معا بأمان وسلام، في ظل نظام سياسي، يكفل الحقوق والحريات، ويقوم على مبادئ الحق والعدالة والمساواة، والاعتدال والتسامح، والاعتراف بالآخر، والكرامة الإنسانية، ويؤمن كرامة العيش، ويطبق مفهوم الديموقراطية وقيمها، والفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية”.

وأردف: “يهم دار الفتوى أن تؤكد أن مبدأ العيش المشترك، ووحدة لبنان، وموضوع سيادة لبنان وحريته واستقلاله، واستقلال القضاء، والنظام البرلماني الديموقراطي، ومبدأ الفصل بين السلطات، وإبعاد لبنان عن سياسات المحاور، وعدم إقحامه في النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية، هي محل إجماع رؤساء المرجعيات الدينية، كما هي محل إجماع اللبنانيين جميعا”.

وقال: “وتؤكد دار الفتوى التزامها بالشرعية الدولية، وحرص لبنان على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، التي تعتبر الوظيفة الأساسية للأمم المتحدة، وخصوصا مجلس الأمن الدولي، إلا أن ما يؤسف له، أن مجلس الأمن، لم يقم بهذه الوظيفة، كما يجب، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني، نتيجة ذلك، مأساة التهجير من أرضه، ولا تزال إسرائيل تزرع المستوطنات، وتدمر بيوت الفلسطينيين أصحاب الأرض، وتعتدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتنكر على فلسطينيي الشتات حق العودة المكرس بقرار مجلس الأمن رقم  194، وأفشلت كل المساعي الدولية والعربية، لإنشاء دولة فلسطينية على أرض فلسطين، كما أفشلت قرار مجلس جامعة الدول العربية، الذي اتخذ في اجتماع القمة، الذي انعقد في بيروت سنة 2002 تحت شعار (الأرض مقابل السلام) ، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني مأساة إنسانية منذ سنة 1948 دون أمل بأي حل، وهو ما انعكس على حالة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها، ومنها على وجه الخصوص لبنان”.

ولفت إلى أن “قسطا كبيرا مما عاناه لبنان ويعانيه اليوم من مآس وآلام وانهيار اقتصادي ومالي، واضطرابات أمنية وسياسية، دون نكران لمسؤولية الدولة اللبنانية، يعود إلى عدم قيام الأمم المتحدة بدور فاعل على صعيد حل المشكلة الفلسطينية، وإيجاد حلول للصراعات الإقليمية والدولية، التي تفتك بالأمن والسلم الدوليين، وقد آن الأوان لكي تقوم الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن، بهذا الدور. ولا بد لدار الفتوى، ويشاركها في ذلك، رؤساء المرجعيات الدينية المشاركة في هذا اللقاء، أن تؤكد أن الشعب اللبناني، يعيش اليوم مأساة إنسانية لا يستحقها، على الرغم من أن هذا الشعب، قد ساهم في نهضة شعوب وأمم كثيرة وتقدمها وازدهارها، لما يتمتع به من قدرات وإمكانات عالية، علمية وفكرية وثقافية، وهو يدفع ثمن صراعات ونزاعات إقليمية ودولية، تدور رحاها في منطقة الشرق الأوسط، وترتد بمفاعيلها السياسية والأمنية، والاقتصادية والمالية، والاجتماعية والمعيشية على لبنان وإنسانه، وكرامة عيشه واستقراره”.

وختم: “سعادة الأمين العام للأمم المتحدة، أردت الاستماع إلينا، والوقوف على رأينا في شأن ما يحصل في بلدنا، بصدق وأمانة، عسى أن يكون للعالم، من خلالك، آذان مصغية، ليكون للبنان نصيب من سمعه واهتمامه، وليحل الأمن والسلام في العالم وبين البشر، وليسود منطق الحق والعدالة العلاقات الدولية، وهذه مهمتكم”.