Site icon IMLebanon

المساعدات العينية لا تكفي لتحييد الجيش عن الأزمة

جاء في العرب اللندنية:

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريتش، الذي بدأ زيارة إلى لبنان الأحد تستمر ثلاثة أيام، استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية، معتبرا ذلك “أساسيا لاستقرار لبنان”، إلا أن خبراء يطالبون بتمويل مباشر لرواتب العسكريين والأمنيين بدل المساعدات العينية التي لا تكفي، حسب رأيهم، لتحييد المؤسسات الأمنية اللبنانية عن الأزمة الاقتصادية.

وحث غوتريتش بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون “كل الدول الأعضاء على زيادة دعمها والاستمرار فيه”.

وينظر إلى الجيش اللبناني منذ فترة طويلة على أنه مؤسسة تمثل نموذجا نادرا يجسد الوحدة والفخر الوطني. وأدى انهيار الجيش في بداية الحرب الأهلية عندما انقسم وفقا لانتماءات طائفية إلى تسريع انزلاق لبنان نحو سيطرة الميليشيات.

ويخشى المجتمع الدولي من أن تتسبب الأزمة الاقتصادية الحادة في تفكك الحصن الأخير لأمن اللبنانيين في ظل أجندات داخلية وخارجية تتربص باستقرار البلاد.

وكثفت القوى الدولية مؤخرا، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، دعمها العسكري واللوجستي للجيش اللبناني؛ وذلك لعدة اعتبارات على رأسها تعزيز سيادة الدولة ومنع انهيار آخر حصن أمن للبنانيين، إلا أن الدعم الغربي موجه أيضا إلى مواجهة تنامي قدرات حزب الله العسكرية، التي قد يستغلها لفرض أجنداته الداخلية والإقليمية.

ويرى محللون أن الاندفاعة الغربية لإنقاد الجيش اللبناني من الانهيار ستظل غير كافية إذا بقيت مقتصرة على المساعدات المالية العينية، مطالبين بضرورة تسريع المساعي الدولية لتوفير تمويل مباشر لرواتب العسكريين والأمنيين.

وأشار هؤلاء إلى أن انهيار المؤسستين العسكرية والأمنية يضع لبنان تحت سطوة الميليشيات، التي تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة تفوق إمكانيات ما لدى القوى اللبنانية الحاملة للسلاح.

وتنامى الاستياء في صفوف الجيش اللبناني بسبب انهيار العملة، الذي أدى إلى إلغاء أغلب قيمة رواتبهم.

وانخفضت قيمة الليرة اللبنانية 90 في المئة منذ أواخر 2019، في انهيار مالي يشكل أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ويفرض الانهيار الاقتصادي ضغوطا غير مسبوقة على القدرات العملياتية للجيش، مما يؤدي إلى القضاء على قيمة رواتب الجنود وتحطيم معنوياتهم. ويعرّض هذا التدهور للخطر أحد مراكز القوى القليلة التي توحد اللبنانيين في وقت تتصاعد فيه التوترات الطائفية ومعدلات الجريمة وسط ارتفاع شديد في نسب الفقر.

ونشرت صحيفة ديلي تليغراف تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط كامبل ماكديارميد بعنوان “يمكن للجيش اللبناني أن يمنع الانهيار الكامل للبلاد – إذا استطاع الاستمرار في إطعام جنوده”. ويقول التقرير “وسط انهيار اقتصادي مدمر في لبنان لم يعد الجيش قادرا على إطعام جنوده اللحوم”.

وأفاد وزير الدفاع اللبناني موريس سليم الأحد بأن جيش بلاده يقوم بجميع مهامه على “أكمل وجه”، رغم التحديات التي يواجهها في ظل الأزمة الاقتصادية بالبلاد.

وأضاف سليم بعد لقائه وزير الدفاع والخارجية الأيرلندي سايمون كوفيني، في بيروت أن “الجيش يقوم بجميع مهامه على أكمل وجه رغم التحديات التي تواجهها المؤسسة العسكرية في ظل الأزمة الكبيرة التي يمر بها الوطن”.

وأفادت مصادر لبنانية مؤخرا بأن عدد الفارّين من الخدمة في الجيش اللبناني تجاوز عتبة الخمسة آلاف بين ضابط وعسكري، بينما لامس العدد خمسمئة في قوى الأمن الداخلي وتجاوز العشرات في بقية الأجهزة الأمنية.

وتأتي هذه الأرقام التي لا تزال غير مقلقة، لكنها مرشحة للارتفاع، في وقت تزداد فيه المخاوف من انهيار كبير للمؤسسة العسكرية والأمنية في حال قررت الحكومة اللبنانية السماح بتسريح العسكريين من الخدمة للضغط على المصاريف الحكومية الشحيحة.