Site icon IMLebanon

أزمة حلويات قبل الأعياد: سعر الـBûche “حزّورة”!

كتب رضا صوايا في “الأخبار”:

«صراع بقاء» تخوضه محالّ الحلويات. عشية الأعياد، المبيع بـ«الحبّة» لا بالدزينة، وبعض الأصناف باتت حكراً على الميسورين فقط. أما البقية فلهم استراق النظر من خلف الواجهات، أو الفوز بكيلو «نمّورة» في أحسن الأحوال

عندما افتتح محل الحلويات الشهير «عبد الرحمن الحلاب» أول فروعه في مدينة جونية عام 2013، بدأ حملته الإعلانية بشعار «الحلو وصل على جونية». أشعل ذلك، يومها، حرباً ضروساً مع محل «حلويات الدويهي» الذي ردّ بحملة شعارها «وصلت مأخّر على جونية يا حلو»، فلم يتأخّر الحلاب في الردّ بشعار «الحلو ولو تأخّر، بوجودو الكلّ بيتبخّر».

كان ذلك قبل ثماني سنوات، قبل أن تتبخّر ودائع اللبنانيين وقدراتهم الشرائية. في ذلك «الزمن الجميل»، كان لدى محالّ الحلويات «ترف» التنافس و«الضرب تحت الحزام» لاجتذاب الزبائن الكثر، وكان لدى هؤلاء الأخيرين «ترف» المفاضلة حول «أي كنافة أطيب: الحلاب أو الدويهي أو غيرهما؟».

اليوم، تصارع محالّ الحلويات من أجل البقاء، فيما كثيرون ممن يجاهدون لتأمين ربطة الخبز «نسوا» طعم الحلو، ناهيك عن أن الأسعار، أساساً، أصبحت «تسدّ النفس». أما من لا يزالون «يستحلون» فباتت غالبيتهم تشتري الحلو بـ «القطعة» وبـ«الحبّة»، وتُقبل على أصناف لم تعهد شراءها.

«في مثل هذا الشهر من السنة لم نكن نهدأ، أما اليوم فلا نكاد نعمل»، يقول عماد بحصلي، صاحب «باتيسري بحصلي» في الحازمية، مشيراً إلى أن «الكمّيات التي نعدّها لا تقارن بما كنا نعدّه. الناس يشترون على قدر حاجتهم واستغنوا عن هدية الحلو. متوسط إنفاق الزبون في مثل هذه الفترة عشية الأعياد لم يكن يقل عن 80 إلى 90 دولاراً، ولا يتعدّى اليوم 20 دولاراً».

الشراء بالكيلو أصبح من الماضي ورفاهية لا تقدر عليها إلا قلة من الميسورين. «عيد البربارة، بداية الشهر، كان مؤشراً إلى ما سيكون عليه حال السوق في فترة الأعياد. فعوض شراء القطايف بالدزينة كالعادة، كان بعض الزبائن يشترون 3 أو 4 حبات فقط، على عدد أفراد الأسرة» على ما يقول علي فياض، صاحب باتيسري Omiel في سن الفيل.

والبيع بـ«الحبّة يعرّض الباتيسريات لخسائر كبيرة، إذ إن كلفة التغليف والكيس أصبحت أعلى من سعر الحلو، ما دفعنا إلى اعتماد تغليف أكثر بساطة» بحسب مدير في «حلويات SiBon». ويشير بحصلي، في هذا السياق، إلى أن «سعر كرتونة الـ Bûche de Noël يبدأ بـ 2.5 دولار». لذلك، لم تحدّد غالبية الباتيسريات سعر الـBûche وتفضّل الانتظار إلى «اللحظات الأخيرة، قبل العيد بيوم أو يومين، تجنّباً لمزيد من الخسائر التي يسببها ارتفاع سعر صرف الدولار. يوضح فياض أن «أسعارنا بالليرة، فيما كلفة الـBûche مدولرة بالكامل. فالسكر والطحين مسعّران بالدولار كوننا باتيسري ولسنا فرناً». أدى ذلك إلى «غياب الحجوزات المسبقة إلا في حال رضي الزبون بأن يحجز من دون معرفة السعر ريثما تنجلي الأمور». لكنّ الثابت أن «إنتاج الـ Bûche هذا العام سيتراجع كثيراً عما كان عليه العام الماضي».

أدّت الأزمة، في المقابل، إلى زيادة الطلب على الحلويات العربية، ولكن الخالية من «القشطة» و«حشوة الفستق». فهذه «لا يتجاوز حجم الطلب عليها الـ20%» بحسب فياض، فيما «زاد الطلب على المشبّك والمعكرون والنمّورة والصفوف والقناديل». كما يؤكد بحصلي «أننا خفّضنا إنتاج الحلويات الغالية الثمن التي تحتوي على الفستق والقشطة. كيف ستطلب من الزبون 700 ألف ليرة ثمناً لكيلو البقلاوة بالفستق؟ بدل الفستق أصبحنا نستخدم الجوز».

وفي محاولة للحدّ من الكلفة، بات عدد من محالّ الحلويات يلجأ إلى استخدام مواد أقل جودة. وبحسب فياض، فإن المواد الرخيصة «لا تشكل خطراً على الصحة. لكنها تؤثر على النكهة وعلى مدة صلاحية الحلويات التي ستحمض بعد يوم ونصف يوم، مثلاً، بدل ثلاثة أيام». هذه الممارسات «ضرورية للكثيرين من أجل البقاء، إلا أنها في النهاية ستضرب سمعة الحلو اللبناني وتقلّل من تنافسيته».

ولا تقتصر المخاطر على الجودة، بل تشمل أيضاً الخوف من فقدان اليد العاملة في هذا القطاع. فـ«كثيرون من العاملين في المجال ومن الشيفات يتلقون عروضاً مغرية من الخارج» بحسب مدير في الـ«SiBon». فيما يشير فياض إلى «صعوبة أن تجد «شيف» لبنانياً يرضى براتب مقبول. ولأن العدد المتوفر بات محدوداً، فإن من بقوا يطلبون رواتب خيالية بالدولار».