Site icon IMLebanon

الـ2022… سنة تكريس نهاية لبنان!

كتب خيرالله خيرالله في “العرب” اللندنية:

تشارف سنة 2021 على نهايتها. لم يعد مستبعدا أن تكون سنة 2022 سنة تكريس نهاية لبنان، الذي عرفناه، في ضوء الفراغ الذي سينجم عن نهاية عهد ميشال عون من جهة وقدرة “حزب الله”، أي إيران، على تحديد من يكون رئيس الجمهورية اللبنانيّة من جهة أخرى.

سيكون التحدي كبيرا أمام اللبنانيين الغارقين في الفقر والعوز. يختزل هذا التحدي سؤال في غاية البساطة: هل في الإمكان إيجاد صيغة جديدة للبنان في ضوء الخلل الذي حصل على كلّ المستويات والذي جعل البلد جزءا من الماضي. لبنان الذي عرفناه لم يعد موجودا. هل يمكن أن يولد لبنان جديد قابل للحياة في ظلّ ميليشيا مذهبيّة مسلّحة تسعى لتحويل ما كان يسمّى “سويسرا الشرق” إلى جرم يدور في الفلك الإيراني؟

لم يعد النظام اللبناني قابلا للحياة. هذا ما يفترض في اللبنانيين إدراكه والتعاطي معه بشجاعة بدل السعي لحجب نور الشمس بواسطة غربال. كيف يمكن لنظام سياسي أن يبقى قابلا للحياة بوجود ميشال عون وجبران باسيل في قصر بعبدا فيما الحاكم الفعلي هو “حزب الله” الذي أوصل الثنائي إلى الرئاسة. هناك ثمن لا مفرّ من دفعه عندما يقرّر الثنائي الرئاسي استعادة حقوق المسيحيين، هذا إذا كانت لديهم حقوق تختلف عن حقوق المواطن اللبناني العادي، بواسطة سلاح في خدمة “الجمهوريّة الإسلاميّة”.

لم يعد من مجال للتحايل على الواقع الذي يفترض في اللبنانيين مواجهته بدل السعي إلى الهرب منه. يقول الواقع إنّ كلّ المقومات التي قام عليها البلد لم تعد موجودة. قضى الثنائي ميشال عون – جبران باسيل على كلّ مؤسسات الدولة بعد تجاهلهما للنتائج المترتبة على تمكين إيران من التحكّم بموقع رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة المفترض أن يكون المؤتمن على تطبيق الدستور…

بالنسبة إلى “حزب الله”، وهذا ما على اللبنانيين استيعابه قبل غيرهم، آن أوان حصول التغيير الكبير والنهائي في لبنان عبر إيجاد وضع “شرعي” لسلاح “حزب الله” الإيراني. هذا ما يفسّر الحملة على اتفاق الطائف. عمليا، مطلوب تبييض السلاح الإيراني في لبنان سياسيا، أي تحويله إلى السلاح الشرعي الذي يتحكّم بلبنان. يحصل ذلك كلّه في وقت ليس مسموحا فيه إجراء تحقيق في العمق في جريمة بحجم تفجير مرفأ بيروت. يبدو واضحا أنّه ليس في استطاعة القاضي طارق بيطار طرح الأسئلة الجدّية المتعلقة بالجهة التي خزنت نيترات الأمونيوم في أحد عنابر مرفأ بيروت. ليس مسموحا، في طبيعة الحال، معرفة من كان يحمي ذلك العنبر، طوال سنوات، ومن كان يستطيع إخراج كميات من نيترات الأمونيوم منه بين حين وآخر كي تستخدم في الحرب على الشعب السوري.

ينتظر لبنان في السنة الأخيرة من “العهد القويّ”، الذي هو عهد “حزب الله”، موعد تنفيذ الحلقة الأخيرة من المسلسل الانقلابي الذي بدأ فعليا باغتيال رفيق الحريري ثم خروج الجيش السوري من لبنان ليحلّ الاحتلال الإيراني مكان الاحتلال السوري. حققت إيران في فترة وجيزة انتصارين لها عبر “حزب الله”. أولّهما ملء الفراغ الأمني والعسكري الناجم عن الانسحاب السوري في نيسان 2005 والآخر حرب صيف 2006 التي أسفرت عن انتصار للحزب على لبنان تمهيدا لغزوتي بيروت والجبل في أيّار  2008.

يتوقع أن تكون سنة 2022 سنة استكمال لعملية تتويج الانتصار الإيراني على لبنان. لم يعد مستبعدا أن تكون السنة المقبلة، التي تبدأ بعد أيّام قليلة، سنة الفراغ على كلّ المستويات بدءا بموقع رئيس الجمهوريّة. ستكون سنة إعداد “الساحة” لقيام نظام جديد، ليس معروفا شكله، في لبنان. نظام جديد يغيّر الهوية التي رافقته طوال قرن كامل إقليميا وداخليا… كي يكون ضاحية فقيرة من ضواحي طهران في أحسن الأحوال.

ستكون 2022 أيضا سنة تكريس العزلة العربيّة للبنان، اللهمّ إلّا إذا حصل تغيير كبير في إيران نفسها. يؤكّد العزلة اللبنانيّة الإصرار الإيراني على تنظيم “حزب الله” لمؤتمر صحافي في بيروت لـ”حركة الوفاق” المحظورة في البحرين بصفة كونها حركة “إرهابيّة”. ليس صدفة انعقاد هذا المؤتمر الصحافي في بيروت عشية القمّة الـ42 لدول مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت في الرياض. الهدف واضح. لبنان جرم يدور في الفلك الإيراني ليس إلّا وعلى دول مجلس التعاون الست استيعاب ذلك. لا رحمة إيرانية بلبنان واللبنانيين الذين بات عليهم العيش في ظلّ هذا الواقع الذي لن يغيّره سوى تغيير يحصل في طهران وليس في أيّ مكان آخر…

السؤال الذي سيطرح نفسه عاجلا أم آجلا، هل سيكون من مجال لإعادة صياغة لبنان في حال حصول التغيير في إيران يوما؟ الجواب عن هذا السؤال أنّ الأمل ضئيل جدا في تعافي لبنان، بصيغته الحاليّة، يوما. يحتاج لبنان إلى معجزة. المشكلة أنّ زمن المعجزات ولّى. لعلّ أكثر ما يكشف مدى استخفاف ميشال عون وجبران باسيل بما ارتكباه في حق البلد استفاقة رئيس الجمهوريّة أخيرا على وجوب انعقاد مجلس الوزراء. فجأة صار ضروريا انعقاد مجلس الوزراء فيما يرفض ميشال عون استيعاب خطورة الحكومة التي فرضها على اللبنانيين بفضل سيطرة “حزب الله” الذي يمتلك أجندة خاصة به!

سيبقى مستقبل لبنان معلّقا لفترة طويلة. من المفيد، بين حين وآخر نظر اللبنانيين إلى ما يدور في المنطقة. ليس ما يشير إلى أن الجار السوري في وضع أفضل. مثلما أنّ مصير لبنان معلّق، مصير سوريا معلّق في الوقت ذاته. يستحيل إخراج النظام السوري، وهو نظام أقلّوي لا شرعيّة له أصلا، من براثن إيران. يستحيل في المدى المنظور التفكير في صيغة جديدة لسوريا الواقعة تحت خمسة احتلالات. يتقدّم الاحتلال الإيراني هذه الاحتلالات، كون النظام واقع في أسره وأسر أدواته.

ستكون سنة 2022 سنة كلّ الاستحقاقات اللبنانيّة. سيتحقّق اللبنانيون في تلك السنة من أنّ بلدهم تغيّر وأنّ مصيره في مهب الريح لا أكثر.