كتب عمر البردان في “اللواء”:
مع توقيع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات النيابية، بعدما تقرر موعدها في الخامس عشر من أيار المقبل، يكون هذا الاستحقاق قد وضع على السكة، بانتظار توقيعه من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، على أن تتضح صورة المواقف السياسية للكتل والأحزاب المعنية ، وفي مقدمها «تيار المستقبل» الذي لا يزال الغموض يكتنف موقفه الحقيقي، ريثما يدلي زعيمه الرئيس سعد الحريري، بدلوه من هذا الموضوع، في وقد قالت أوساط «مستقبلية»، أن «لا شيء محسوماً بعد، وإن صدرت دعوة الهيئات الناخبة، وعندها لكل حادث حديث»، داعية إلى «عدم تصديق كل ما ينشر في هذا الإطار، لأنه مجرد تخمينات، ما لم يصدر شيء رسمي عن مكتب رئيس «المستقبل» الإعلامي». وأشارت إلى أن «هناك من يضخ أخباراً كاذبة، للإساءة إلى الحريري، وإشاعة أجواء القلق والفرقة داخل «المستقبل» ومناصريه»، وإن كانت لا تنكر «الواقع الصعب الذي يمر به التيار، كغيره من القوى السياسية في البلد».
وقد علمت « اللواء»، أنه بعد توقيع الرئيسين عون وميقاتي لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة، فإن «المستقبل» سيبدأ الحديث الجدي بشأن الاستحقاق الانتخابي، بعد عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، وتأمين الأجواء الأمنية التي تسمح له بمعاودة نشاطه السياسي والانتخابي، في حال قرر المشاركة في هذا الاستحقاق.
وفي ذروة تصاعد الخلافات بين «التيار الوطني الحر» و«الثنائي الشيعي»، فإن مصادر معنية بالملف تستبعد أن تتطور الأمور بين الفريقين إلى حد القطيعة النهائية، باعتبار أن «العهد لا يمكنه فك الارتباط مع الحزب لأنه مدين له في أمور عديدة»، ومؤكدة أن «الرئيس عون لن يقطع نهائياً مع حليفه الشيعي، لأنه يعلم جيداً أن تأثيره لا يزال قوياً في الانتخابات النيابية والرئاسية، وهو الطامح لتوريث صهره النائب جبران باسيل في رئاسة الجمهورية. ولذلك فإن رئيس الجمهورية ليس مستعداً لإغضاب حزب الله»، ولو توجه إليه ببعض الانتقادات في ما خص عدد من الملفات الداخلية التي لن تؤثر على تحالفهما». وإن كان رئيس «التيار الوطني الحر»، لوح باحتمال إنهاء تحالفه السياسي مع ميليشيا «حزب الله»، ما اعتبره البعض بداية لتغيير التحالفات في البلاد، قبيل الانتخابات النيابية المقبلة. وهذا أمر دونه عقبات، لحاجة كل طرف للآخر، انتخابياً وسياسياً.
وسط هذا الأجواء، لا زال «حزب الله» يدفع بعلاقات لبنان مع الدول الخليجية إلى مزيد من التوتر والتدهور في آن، بعد الاتهامات الموثقة التي عرضها التحالف العربي، عن ضلوعه في تدريب الجماعات الحوثية على قصف الأراضي السعودية. وقد حملت المعارضة الحزب مسؤولية ما قد ينجم من تداعيات بعد ما تم كشفه عن تورطه في قصف الأراضي السعودية من مطار صنعاء، مشيرة إلى أن «الحزب يبدو أنه مصمم على توريط لبنان في أزمات المنطقة، والإضرار بمصالحه العربية وتحديداً الخليجية، الأمر الذي يجعل لبنان في وضع بالغ الحرج أمام الدول الخليجية الأربع، بعدما كان اللبنانيون يمنون النفس، بإمكانية أن يفتح «إعلان جدة» ثغرة في الجدار المسدود»، ومعتبرة أن «استمرار تورط حزب الله في الاعتداء على السعودية، يؤكد بالدليل القاطع أن الهدف هو تنفيذ سياسة إيران في استخدام أذرعها العسكرية في زعزعة استقرار الدول الخليجية وتعريض مصالحها للخطر».
وفيما لفت ما عبر عنه بابا الفاتيكان فرانسيس الأول، من قلق على لبنان بسبب الأزمات التي يواجهها، إلا أن زوار عاصمة الكثلكة ينقلون عن المسؤولين في دوائر الكرسي الرسولي، استياءهم من تبديد الزعماء اللبنانيين، للكثير من الفرص التي أتيحت لهم، من أجل تجاوز هذه الأزمات، بما يخفف عن كاهل اللبنانيين حجم المعاناة التي يواجهون، في وقت بدا بوضوح أن أداء السياسيين اللبنانيين لن يساعد على تقريب زيارة البابا إلى لبنان، وإن كان يتوقع أن يزور وزير خارجيته بيروت مطلع السنة الجديدة. وهو ما أفصح عنه رئيس جمعية «الناس للناس» الأب عبدو رعد الذي أشار إلى أن «هناك عقبات سياسية تحول دون زيارة لبنان»، على أن يضع وزير خارجية الفاتيكان النقاط على الحروف خلال زيارته بيروت في الأسابيع القليلة المقبلة، من خلال «المكاشفة» المعمقة التي ستكون له مع القيادات اللبنانية، والمسيحية خاصة.