تفكيك الازمة اللبنانية السياسية يزداد صعوبة يوما بعد يوم. فمع مرور الوقت، هي تشتد تعقيدا وتُضاف اليها عوامل تصّعب فكفكتَها وتلهبها أكثر. صحيح ان جوهر المشكلة يتمثّل في أخذ الثنائي الشيعي مجلسَ الوزراء رهينة الى حين كف يد المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار، الا ان المعطيات التي ظهرت فوق الساحة المحلية بعد ان اصبح الشلل الوزاري واقعا، كشفت عن خلاف عميق بين اهل الحكم على نقاط اساسية وكبيرة، وأكدت انهم لا يلتقون على شيء وأن الكيمياء مفقودة بينهم، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
في الايام الماضية، الى توتّر العلاقات بين الفريق الرئاسي وعين التينة، علما ان الجفاء بينهما مزمن، وهو يقوى حينا ويبرد حينا آخر، كَبرت الهوّة ايضا، بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة والسراي من جهة ثانية. فالجانبان تباعدا في مقاربة اكثر من ملف:
في الشكل، بدت اطلالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاعلامية امس بمثابة رد على اطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين. اما في المضمون، فالاخير حثّ على توجيه دعوة لمجلس الوزراء بمَن حضر، اما ميقاتي فرفض هذه الخطوة من جديد قائلا ان الحوار ليس مقطوعا مع جميع الأفرقاء وانه يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لأنه يراهن على الحس الوطني لدى جميع الفرقاء لمعاودة عقد الجلسات قريبا. وشدد على أنه من الضروري ان يجتمع مجلس الوزراء وأنه ضد التعطيل من اي طرف كان، ولكن طالما أن مكوّنا اساسيا لا يشارك فلن يدعو الى عقد جلسة.
اما دعوة رئيس الجمهورية الى طاولة حوار تناقش الاستراتيجية الدفاعية وخطة الانقاذ المالي واللامركزية، فلم تعجب ميقاتي ايضا. هو بدّل اولوياتها واعتبر انها يجب ان تركّز على الحياد والنأي بالنفس فقال: المهم التفاهم الداخلي من خلال طاولة حوار باتت أكثر من ضرورية ، على تمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة اليها باي شكل من الاشكال، وعدم الانخراط في ما لا شأن لنا به ولا سيما في اليمن… كما انه رفض طرحَ خطة الانقاذ على الطاولة العتيدة لانها يجب ان تناقش وتقرّ في مجلس الوزراء.
ولا يقتصر التباين على هذه النقاط، بل امتد ايضا الى مصير حاكم لبنان رياض سلامة. ففي حين اكد رئيس الحكومة ان “في خضمّ الحروب لا يمكن ان نغيّر ضبّاطنا”، سارع تكتل لبنان القوي الى الرد امس مجدّدا “دعوةَ الحكومة الى الاجتماع وكف يد حاكم المصرف المركزي فورا وتعيين بديل منه، بعدما صار مثقلا بملفات الدعاوى ضده في لبنان والخارج، لأن لا أحد يذهب الى المعركة بضابط غير مؤهل لقيادتها ومتهم بالخيانة، فلا يمكن الفوز بالحرب عندما يكون على رأس الجيش من تسبب أصلا بانهياره”.
وبعد، وفي حال تم الافراج عن مجلس الوزراء، أيّ انقاذ يمكن توقّعه من طقم سياسي، يتصارع على الاساسيات ولا يتفق على شيء؟!