IMLebanon

فرصة جعجع لافتكاك جمهور “التيار” من سيطرة باسيل و”الحزب”

جاء في “العرب اللندنية”:

قالت أوساط سياسية لبنانية إن خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين، الذي تحدث فيه بروح من خسر المواجهة، سيمثل فرصة أمام زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع لافتكاك جمهور التيار الوطني الحر في ظل الغموض الذي يسيطر على موقف قيادته، سواء من جهة الرئيس عون أو صهره جبران باسيل اللذين وضعا بيضهما في سلة حزب الله.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن صراحة جعجع ومواقفه في الفترة الماضية -خاصة معارضته للنفوذ المتزايد لحزب الله- قد خدمتاه وخدمتَا القوات على حساب التيار الوطني الحر الذي ينتظر أن يحصل على نتائج مخيبة للآمال وصادمة في الانتخابات البرلمانية المقررة في آذار المقبل.

وبات التيار يشعر بأنه في عزلة داخل حاضنته المسيحية بسبب الرهان المبالغ فيه على التحالف مع حزب الله، وهو رهان مرتبط مباشرةً بمصالح عون – باسيل؛ حيث يبذل الأول كل ما في وسعه من أجل تأهيل صهره لخلافته في رئاسة الجمهورية، وهو ما وظّفه زعيم القوات اللبنانية في ملء الفراغ الذي تركه التيار وخاصة لدى حاضنته التي أصبحت أكثر اقتناعا بأهمية طي صفحة الوهم الخاصة بحماية حزب الله للمسيحيين والتحالف معهم.

كلام عون عن تحمل الدولة المسؤولية الأساسية عن الدفاع والجيش يظهر أن الرئيس اللبناني استفاق متأخرا على حقيقة الخسائر التي لحقت به وبحزبه

وكان جعجع توقع في تصريحات سابقة أن يكون حزبه أول من يربح، وبالدرجة الثانية سيربح مستقلون لديهم السياسة نفسها، مضيفا “أشك في أن يخسر حزب الله كثيرا في بيئته، ولكن خسارته ستكون في البيئات الأخرى”.

وتعتقد الأوساط السياسية أن كلام عون الأخير -والذي حاول من خلاله إظهار الخلاف مع حزب الله- بمثابة محاولة يائسة لإصلاح وضع التيار الوطني الحر والحفاظ على الحد الأدنى من التوازن بينه وبين حزب القوات اللبنانية منافسه المباشر في الحاضنة المسيحية، وهو يعرف أن جعجع والكتائب سيستقطبون المارونيين في تياره.

وتضيف هذه الأوساط أن الوقت فات عملية تدارك الأخطاء التي وقع فيها عون بتحالفه مع حزب الله، وأن باسيل ليس في وضع من يقدر على لملمة ما تبقى بسبب توتر العلاقات في الداخل اللبناني ومع الأطراف الفاعلة في الشأن اللبناني، خاصة الولايات المتحدة التي فرضت عليه عقوبات لارتباط اسمه بالفساد -خصوصا عندما كان وزيرا للطاقة- من جهة ولـ”العلاقة” القائمة بينه وبين حزب الله من جهة أخرى.

وفي ما بدا أنه رسالة إلى حزب الله قال عون -الذي يعد أبرز حلفاء الحزب منذ وقّع تفاهما معه في شباط 2006- “صحيح أن الدفاع عن الوطن يتطلب تعاوناً بين الجيش والشعب والمقاومة، ولكن المسؤولية الأساسية هي للدولة. وحدها الدولة تضع الاستراتيجية الدفاعية”.

ويرى مراقبون سياسيون أن كلام عون عن تحمل الدولة المسؤولية الأساسية عن الدفاع والجيش يظهر أن الرئيس اللبناني استفاق متأخرا على حقيقة الخسائر التي لحقت به وبحزبه، وأن الاعتراف لن ينقذه خاصة أنه لعب لعبة التحالف مع حزب الله إلى آخرها، ولم يسع للنأي عنه سوى قبل أسابيع على حلول موعد الانتخابات، ما يجعل من الصعب عليه تطويق خسائره أو القفز إلى الضفة الأخرى بحثا عن مناورة انتخابية.

ويعتبر هؤلاء أن جعجع أغلق على عون منافذ الانسحاب من ورطة التحالف مع حزب الله بأن دعاه في مرات سابقة إلى الاستقالة بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي قادت إلى انتفاضة الشارع في تشرين الأول 2019، محملا إياه والتحالف الحاكم مسؤولية الفشل الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين.

وقال جعجع في كانون الأول الماضي موجها كلامه إلى عون “لو كنت مكان رئيس الجمهورية لاستقلت، وعلى كلّ المجموعة الحاكمة التنحّي”، مضيفا “أثبت تسلسل الأحداث أن المجموعة الحاكمة غير كفؤة وغير قابلة للحياة من جديد، وأصبحت الأزمة في الفترة الأخيرة أزمة صلاحيات مواقع في حين أنّ المعركة ليست معركة صلاحيات، والمشكلة ليست بين المسلمين والمسيحيين بل في الطبقة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى ما نحن عليه”.

كما سعى عون لتصحيح موقفه من الأزمة مع السعودية وتحميل حزب الله مسؤولية ذلك دون ذكر اسمه في مسار شبيه بما سار فيه جعجع من نقد للهجوم على الخليجيين دون مراعاة مصالح لبنان.

وتساءل عون “ما هو مبرر توتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا؟”.

وكان جعجع قد قال في تصريحات سابقة “إن نفوذ حزب الله المتزايد هو السبب الرئيسي وراء الخلاف الذي يضر بالاقتصاد اللبناني”، مضيفا أنه يرى أن السعودية ودول الخليج هي الرئة الاقتصادية للبنان، وأن علاقة حزبه بالسعودية علاقة “سياسية” لا تنطوي على أي دعم مالي.

December 29, 2021 08:44 AM