Site icon IMLebanon

تفاصيل هروب 50 شابًا من طرابلس إلى العراق والتحاقهم بـ”داعش”

جاء في المركزية:

لا يزال صوت يوسف مرعب الذي اتصل بوالدته بعد 23 يومًا على اختفاء مجموعة يراوح عدد أفرادها بين 30 و50 شابا من مدينة طرابلس يمزق قلب والدته: “كان يجهش بالبكاء ويطلب مني السماح، وسامحتو”. لكن ضيق وقت المكالمة التي قد يكون أجراها يوسف خلسة لم تسمح لوالدته إلا بسماع الكلمات التالية: “أنا بالعراق هربت بعد ما اتصل فيي شخص من السجن وقللي إذا ما بتروح ع العراق راح يكون مصيرك السجن”. وأقفل الخط وهو يجهش بالبكاء. ولم يعاود الإتصال بوالدته إلا مرة واحدة بحسب روايتها.

خبر فقدان حوالي 50 شابا غالبيتهم من القاصرين من مدينة طرابلس وفرارهم إلى العراق للإلتحاق بتنظيم داعش مر على الهامش عبر صفحات إحدى وسائل التواصل الإجتماعي. ولولا الإعلان عن  مقتل شابين من المجموعة نفسها هما زكريا العدل الملقب بابي اسحاق اللبناني، واحمد الكيالي الملقب بأبو جليبيب، خلال اشتباكات وقعت مع الجيش العراقي في البادية على الحدود السورية – العراقية لبقي الخبر “مجهولاً”  كما مصير الشبان. وبحسب الرواية التي نقلتها مصادر مجهولة فإن الشابين قتلا بعد فرار عناصر «داعش» وتركهما يواجهان مصيرهما في المواجهات مع الجيش العراقي. فماذا عن مصير باقي الشبان؟

تفاصيل عملية اختفاء الشبان الطرابلسيين يرويها مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس المحامي محمد صبلوح لـ”المركزية”: “منذ حوالي الشهرين والنصف استيقظ أهالي الشبان المفقودين عند الخامسة فجرا ولاحظوا أن اولادهم خارج أسرّتهم. في البداية اعتقدوا أنهم غادروا منازلهم إلى الجامع لأداء صلاة الفجر، لكن ظنهم كان في غير محله”. ويضيف نقلا عن الأهالي: “بعد التأكد من اختفائهم توجه عدد من الأهالي إلى مركز الأمن العام في طرابلس للإبلاغ عن اختفاء أولادهم، كذلك فعلوا في مديرية مخابرات الجيش. إلا أنه لم يصلهم أي جواب”.

يتابع صبلوح: “بعد مرور 23 يوما على اختفائهم رن جرس هاتف والدة أحد الشبان المفقودين ويدعى يوسف مرعب وكان يجهش بالبكاء وأخبرها أنه يتصل بها من العراق. وعندما سألته عن سبب وجوده هناك أخبرها أنه تلقى اتصالا من مجهول قبل ليلة من اختفائه وأبلغه أنه يتصل به من أحد السجون وهو مطلوب من قبل أجهزة المخابرات بسبب تواصله مع سجناء وسيتم اعتقاله وسجنه وطلب منه أن يهرب إلى خارج لبنان للإلتحاق بباقي الشبان. وهكذا فعل خوفا من أن يتم اعتقاله وسجنه”.

قد لا تكون حبكة الرواية مقنعة لكن ثمة تجارب سابقة عاشها أبناء طرابلس قد تبرر عملية الهرب بحسب صبلوح الذي كشف “أن الأجهزة الأمنية أوقفت منذ فترة شابا طرابلسيا بتهمة الإنتماء إلى تنظيم إرهابي بعدما اكتشفوا صورة لرفيقه على هاتفه الخلوي وهو يرتدي عباءة. وتبين لاحقا أنه التقطها له خلال فترة الصوم في شهر رمضان. لكن الحقيقة ظهرت بعد سجنه مدة عام واخترب بيتو”.

خبر مقتل الشابين زكريا العدل الملقب بابي اسحاق اللبناني، واحمد الكيالي الملقب بأبو جليبيب، اللذين فقدا من ضمن المجموعة فضح المستور إلا أن الأهالي رفضوا التقدم بإخبار إلى النيابة العامة نزولا عند طلب المحامي صبلوح “خافوا أن يصيب أولادهم أي سوء أو أن تتحول حياة أفراد عائلاتهم إلى جحيم”. مع ذلك بدأ التحرك على مستوى أرفع خصوصا بعدما تبين أن هناك مجموعة أخرى مؤلفة من خمسة شبان كانت تحاول الهرب إلى العراق بعد مرور أسبوعين على اختفاء المجموعة وتم توقيفها من قبل مخابرات الجيش اللبناني وتسليم أفرادها إلى مفتي طرابلس”، يقول صبلوح ويضيف متسائلا: “لماذا لا يتم الإعلان عن أسماء هؤلاء الأشخاص أو عن أسماء العناصر التي تدير الغرف السوداء وتغرِّر بالشبان الطرابلسيين القاصرين،  فتجندهم لحساب تنظيم إرهابي مقابل مبالغ مالية؟ من يغطي تكاليف سفر هؤلاء الشبان، ومن يسهّل عملية هروبهم إلى العراق واجتيازهم الحدود التي يفترض أن تكون خاضعة لرقابة الأجهزة الأمنية؟ لماذا لم يتحرك القضاء بعد، ولماذا لم تقدّم الأجهزة الأمنية أية أجوبة للأهالي حول مصير اختفاء أولادهم؟ وأخيرا وليس آخراً، لماذا لا تتابع الأجهزة الأمنية داتا الإتصالات لمعرفة الرأس المدبر أو المحرض؟”.

“باب الأسئلة سيبقى مفتوحا وقد لا نصل إلى الأجوبة، لكنني تعلمت من تجارب سابقة وفي ملفات مماثلة أن ثمة تواطؤاً من قبل بعض الأجهزة الأمنية بحيث تعمد إلى الإتصال بشبان من هواتف سجناء للإيقاع بهم بحجة الأمن الإستباقي، فهل نكون أمام نفس السيناريو؟ أم أن تقصير الأجهزة الأمنية في الكشف عن المحّرضين أدت إلى هذه النتيجة؟ نحن أمام واقع خطير قد يكشف مع الأيام وجود خلايا إرهابية نائمة تتلاعب بمصير أبناء طرابلس مستغلة وضعهم الإجتماعي المزري، فعسى أن يتعلم الأهالي من هذه التجربة فتكون أمثولة لإحاطتهم ومراقبتهم وإلا… اللهم إني بلغت”.