IMLebanon

الأزمات رحّلت إلى العام 2022… والآتي أسوأ

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

وفي اليوم الاخير من العام 2021 غاب السياسيون عن حلبة السياسة، غادر رئيس الحكومة لقضاء عطلة الاعياد مع عائلته في الخارج، ومثله فعل نواب ووزراء بينما بقي الحل مستعصياً وقد رحّلت المعالجات الى العام المقبل.

لم يكن عاماً طبيعياً ذاك الذي مرّ على اللبنانيين في 2021 بل كان اياماً ملؤها الأسى، تبارت في ما بينها بين المر والأمرّ حتى تدهورت اوضاع الناس وتراجع مستوى معيشتهم. 365 يوماً من الذل يستعطي الموظف راتبه امام ابواب المصارف، ويتزاحم الشباب امام ابواب السفارات، ويتعارك الرجال على كيس من الأرز او السكر داخل السوبر ماركت. كل ذلك حصل على مرأى ومسمع من السياسيين ورؤساء الاحزاب وزعماء الطوائف، فجاء عاماً مليئاً ايضاً بالمواقف الشعبية والتصريحات حتى لم نعد نعرف شكوى المواطن من شكوى الوزير او النائب او حتى الرئيس.

في ختام 2021 يرفض مصدر سياسي ان يبيع اوهاماً للعام المقبل، فيتحدث عن صعوبة الوضع الداخلي قائلاً ان ايامنا الصعبة ستكون طويلة وان لا حل قريباً يلوح في الافق طالما ان الموضوع اللبناني مرتبط بأكثر من ملف اقليمي.

يتحدث عن ورشة لتخريب البلد بدأت منذ زمن ليس ببعيد، قبل خمس سنوات او أقل بقليل، قاصداً التصويب على التسوية التي لم تطوَ صفحتها بعد طالما لا يزال البلد يدفع ثمنها. تستوقفه الدعوة للحوار التي اطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليقول: ومن سيلبي مثل هذه الدعوة للحوار وقد سبقتها حوارات؟ عندما كانت هناك حكومة لم يخرج الحوار بنتيجة فكيف اليوم؟ مستغرباً كيف ان المواضيع المطروحة للحوار اليوم لم تطرح قبل سنوات.

من مواقفه والكثير من امثاله يمكن استخلاص ان العام 2022 سيكون عام استكمال الهجمة على عون. يوم أطل في خطابه الاخير خرج من يسأل: ألم يتضمن خطاب قسمه مثل تلك الوعود؟ فلماذا لم يحققها اذاً؟ ام انها شعارات موسمية؟

تلك الشعارات المتوقع ان تزداد بروزاً وحماوة طالما ان عام 2022 سيكون عام الانتخابات النيابية. يقول المصدر معلقاً ان كل القوى السياسية انصرفت للتحضير للانتخابات النيابية علماً انها تضع نصب أعينها احتمال الا تحصل هذه الانتخابات. لكن ما شكل التحالفات الانتخابية في حال حصلت؟ يقول هي تحالفات على القطعة وليست تحالفات جوهرية وليست مبنية على برامج واضحة. حتى المجتمع المدني ليس خارجاً عن القاعدة هو ايضاً من ناحية التحالفات على القطعة من دون برنامج واضح. وأي تحالف هذا الذي سيجمع “الاشتراكي” مع “القوات” مثلاً او مع تيار “المستقبل”؟ لكن اين هو تيار “المستقبل”؟ يسأل المصدر ثم يجيب نفسه: يوم كان سعد الحريري في البلد لم يكن موجوداً لا هو ولا تياره فكيف وهو في الخارج؟

يعترف ان التحالفات للانتخابات المقبلة كذبة كبيرة عبارة عن تحدٍّ ولقاء مصالح ظرفي سرعان ما ينتهي بانتهاء العملية الانتخابية.

كان عام 2021 عام التصريحات التي تكرر نفسها، يغلب عليها طابع الحقد والشعبوية وقد اثبتت كل الاحزاب فشلها في المعالجة الداخلية بما فيها “حزب الله” الذي كثرت اخفاقاته في السياسة الداخلية، مع فارق ان البعض حاول اخفاء تقصيره بالتصويب عليه وتظهيره سبباً للازمة التي يرزح تحتها البلد.

يقول المصدر الذي واكب اكثر من عهد وشارك في اكثر من حكومة وبرلمان، ان زمن الشخصيات السياسية الكبيرة التي كانت تولّد الحلول وتعمل جاهدة لايجادها قد ولى، فلم نعد نعيش في زمن السياسيين الكبار وقد استنفدت القوى السياسية الراهنة كل ما لديها حتى صارت واهنة وشاخت، اما ما يسمى بالمجتمع المدني فليس افضل حالاً وقد صار اسوأ من الاحزاب القديمة ويفتقد هو ايضاً الى برنامج عمل وتصور واضح للمستقبل. وهل نعول على قوى تمويل غالبيتها يأتي من الخارج؟

شهد العام 2021 محاولات عدة لولادة جديدة للبنان لكن هذه الولادة لا تزال متعسرة. فكل ما حصل اثبت ان لبنان الحالي لم يعد ممكناً استمراره، نظامه السياسي، دستوره، حتى احزابه تحتاج الى نفضة، لانها شاخت ولم يعد لديها ما تقدمه لانها استنفدت طاقاتها في خطابات شعبوية ووعود لم ترتقِ الى انجازات.

لقد كانت اياماً من الكيدية السياسية بين الرئاسات، تعددت فيها الحكومات، كثر فيها الوزراء والمستشارون وكلهم الى جانب النواب صاروا جزءاً من الازمة بدل الحد منها.

مساء اليوم سيشرب الجميع نخب عام جديد سيأتي بينما سيستمر الكأس المر بدورانه على الفقراء الذين اصبحوا الطبقة الكبرى الممتددة على مساحة الطوائف اللبنانية كلها.