IMLebanon

المبادرة الرئاسية: إنقاذية للتأسيس للحل

كتبت كارول سلوم في “اللواء”: 

ان تطلق مبادرات للحوار في كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاخيرة في ظل انسداد أي أفق للحل معطوفا عليه غياب جلسات الحكومة فقد يكون ذلك أقصى ما يمكن أن يحصل، إذ أن خطوط التواصل بين الجميع مقفلة وإن فتحت لبعض الوقت فليس في مقدورها مواصلة البحث وبالتالي غير مستعدة للأخذ والرد.

وإن يأتي حديث رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي فورا بعد كلمة الرئيس عون، فذاك يؤشر إلى ان لا مناص من الكلام وطرح بعض الوقائع . اما على الأرض، فالتعطيل لا يزال سيد الموقف وترجمة المواقف الرئاسية تنتظر المزيد من ردود الفعل عليها مع العلم أن كل فريق قرأ فيها وفسر بالتالي ما يريد تفسيره.

وفي هذا الأطار، علمت اللواء أن رئيس الجمهورية رصد في خلال الساعات الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين الماضية ردود الفعل على رسالته، وكانت بعض ردود الفعل وفق أوساط مطلعة على موقف بعبدا انفعالية ومعدة سلفا حتى قبل أن يتوجه برسالته، في حين أن البعض منها اتسم بالواقعية وهناك نقاط أثيرت تستدعي التوضيح.

وأكدت الأوساط أنه بالنسبة إلى نقطة اللامركزية المالية صدر بيان توضيحي بشأنها من مكتب الإعلام، اذ أن لا تعني تقسيما كما يحاول البعض القول وليست فيدرالية كما يحاول البعض أن يروج، إذ أن هذه النقطة منصوص عنها في وثيقة الوفاق الوطني وجزء منها، وبالتالي كل ما قيل في هذا الموضوع لا أساس له من الصحة اطلاقا ولا يمتُّ إلى الحقيقة بصلة.

وافادت الاوساط أن البعض أخذ على الرئيس عون إثارته موضوع الاستراتيجية الدفاعية لجهة أنه لم يطرحها طيلة السنوات الماضية، لكن فات هؤلاء وفق هذه الأوساط أن تطورات حصلت في السنوات الأربع الماضية على الصعيد الإقليمي لم تكن سهلة، حروب الجوار ومشاكل في دول القرار والنفوذ وبعض الأمور التي حصلت في سوريا والعراق. كما أن طبيعة الوضع موضوع الجنوب والتهديدات الإسرائيلية. فالجو الذي رافق وضع الاستراتيحية الدفاعية في الماضي تبدل جغرافيا وسياسيا وإقليميا وبالتالي لا بد من إعادة نظر في الموضوع فضلا عن المشاكل الداخلية التي قامت منذ ما سمي بالثورة إلى حين انهيار الوضع الاقتصادي ثم حصل انفجار المرفأ، وقامت أولويات طارئة أدت إلى تأجيل الموضوع مع العلم انه موضوع يمكن بحثه في أي لحظة لأنه لا يزال قائما.

ورأت أن البعض أشار إلى موضوع التعطيل أن رئيس الجمهورية عدَّد مكامن التعطيل، لكنها حقيقة قائمة وهو لم يتجنَّ على أحد عندما ذكر كيف أن التعطيل حاصل في البلد، إذ أن مجلس الوزراء معطل ومجلس النواب لا يبتُّ بكثير من القوانين الأساسية، كذلك فإن السياسة دخلت على السلطة القضائية واحدثت خللا فيها. كل هذه النقاط يدعو رئيس الجمهورية الى بحثها من خلال طاولة حوار.

وبالنسبة الى ما يقوله البعض لجهة ما قد يقدم في الأشهر الستة المقبلة، فإن الأوساط قالت أنه يمكن القيام بتأسيس ما، فإذا قامت طاولة الحوار وطرحت المواضيع التي أثارها رئيس الجمهورية فيمكن أن يصار إلى تأسيس حل وهناك انتخابات نيابية مقبلة فمن ممكن أن تشكل استفتاء لهذه النقاط المطروحة، وهناك فترة ستة أشهر بعد الانتخابات في الامكان. وفي حال توافرت النيات الحسنة بقيام طاولة حوار حولها والتأسيس للعهد المقبل، وفي النتيجة الحكم استمرارية. كما يمكن وضع أسس الحل ويطبق عبر المؤسسات سواء في مجلس النواب أو مجلس الوزراء، ولا يمكن بالتالي البقاء مكتوفي الأيدي حيال التحديات الحاصلة، لذلك دعا الرئيس عون إلى الحوار.

اما لماذا الآن؟ فهو لم يتوقف كما قالت الأوساط في أي يوم من توجيه الدعوة إلى الحوار وكم من مرة دعا إلى طاولة حوار ولم تتم تلبيتها.

وذكرت كيف عقدت طاولة حوار اقتصادية في قصر بعبدا حيث حضرت فاعليات وقاطع قسم كبير من فاعليات سياسية، ووقتها كان رئيس الجمهورية يحاول الاحاطة بما يجري ومن ثم حين دعا إلى حوار آخر حضر البعض وقاطع قسم كبير وكان دائما يدعو إلى حوار وتحصل فيه مقاطعة ويتعطل الحوار، وبالتالي قول البعض أن رئيس الجمهورية استفاق على هذا الموضوع الآن غير صحيح، إذ أنه كان ينادي به منذ سنوات. حتى في موضوع طروحات ما يسمى بانتفاضة ١٧ تشرين، كما قالت الأوساط، دعا إلى الحوار ولم تتم تلبيته.

واوضحت أنه كانت هناك نية لتعطيل عهده وبالتالي هذه الرسالة التي وجهها وضع فيها النقاط على الحروف وهناك أمور كثيرة يقولها إذا اقتضت الأمور لكنه يقول فلنتحاور، مشيرة إلى أنه بالنسبة إلى ردود الفعل، فإن ما من احد يقدم اجوبة موضوعية أو واقعية والكل يتحدث في السياسة وبالمطلق من دون الدخول في النقاط التي طرحها الرئيس عون. وهؤلاء الذين يعترضون لماذا لا يسألون عن سبب التعطيل وعمن عرقل الحوار ولماذا يحمِّلون الرئيس المسؤولية وينسون أدوار المنظومة الأخرى التي أشار إليها الرئيس عون، ألم تساهم في تدهور الاقتصاد وألم تستغل نفوذها وألم تقدم على فعل شيء ؟

ورأت أن محاولة تحميل رئيس الجمهورية وحده هي افتراء وتجنٍّ، فالرئيس لم يقل أنه غير مسؤول لكنه قال أن هناك أشخاصا مسؤولين معي يفترض بهم أن يتحملوا مسؤولياتهم والمساعدة.

وأكدت أن الخيار كان دائما وضع العصي في الدواليب وكلما طرح خطة كانت تقابل بالرفض، وسألت من عرقل موضوع مكافحة الفساد، أليس المنظومة ذاتها والتدقيق الجنائي من يعرقله حتى هذه الساعة ؟ وهناك شروط تفرض.

وأشارت إلى أن رئيس الجمهورية تجاوز كل هذه النقاط ووصفها كلها وعلى الرغم من ذلك دعا ومن خلال الطائف إلى إجراء حوار من خلال النقاط التي طرحها أي اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاستراتيجية الدفاعية وهو سبق وأن قدم تصورا قبل أن يصبح رئيسا لكن تطورات حصلت وفرضت بعض التعديلات.

وفي خطة التعافي الاقتصادي، أوضحت الأوساط صحيح أن الحكومة تنجزها كما قال الرئيس نجيب ميقاتي إنما هناك نقاش حولها خارج إطار الحكومة، نقاش نيابي وسياسي. فليتم التحاور بشأنها ورؤية اين يكمن الخلاف وكيفية توزيع الخسائر أو كيفية تحديدها، ملاحظة أنها نقاط انقاذية ودعوة انقاذية ومن لا يريد أن يساعد في عملية الإنقاذ يتحمل مسؤولية التدهور الذي يحصل ولا يزال مستمرا.

وشددت الأوساط على أن رئيس الجمهورية طرح مخرجا لأزمة مستعصية ومن لا يريد التجاوب والحضور للمساعدة في ذلك، فيكون رافضاً لأي حل للأزمة، ويرغب في ترك الوضع على ما هو عليه حتى نهاية العهد، ولكن ذلك سيفا ذو حدين صحيح أن العهد سيتأذى أن لم يحصل تصحيح للواقع وإن لم تحصل معالجات جدية، لكن من سيتأذى أكثر هو لبنان وهو قال أنه لا يستهدف أشخاصا ولا أحزاب بل يتحدث إلى جميع اللبنانيين بالحوار حول هذه النقاط، لكن ردود الفعل كانت سطحية جدا وكأنهم يدرسون ما ورد في كلمته او انهم متريثون أو يريدون أن يتجاهلوا كليا النقاط التي أثارها ولذلك لن يسكت وقال لا تجعلوني اقول أكثر. وهو سيواصل قول الحقائق ولو أن ذلك سيحرج أو يزعج البعض.

وكشفت أنه في ملف التشكيلات القضائية المجمدة اوقف العمل بها لأن خللا يعتريها وتضم محسوبيات وهناك ظلم وغبن أُلحق بالبعض ومكافآت اعطيت للبعض الآخر ولم تكن متوازنة أو عادلة ومنطق في التوزيع وللمرة الأولى علل ذلك ومع ذلك لم يرد احد عليه وتم تجاهل ما اشار اليه وتركوا الأمر يأخذ مداها.

وقالت أنه بالنسبة إلى الترقيات للضباط، فقد ظهر مظهر آخر من التعطيل وتم توقيف الترقية من رتبة عقيد إلى رتبة عميد وهناك ثلاث ترقيات مرت ووزير المال يحتجز مرسوم ترقية الضباط من رتبة عقيد إلى رتبة عميد في ما يعرف بدورة العماد عون القديمة. وسألت بأي حق يتم حرمان هؤلاء الضباط حقوقهم في التدرج والكلام حول انعدام التوازن الطائفي غير صحيح لأن هناك دورات فيها غلبة لطائفة على أخرى من حيث العدد وأي مرسوم فيه خلل في الامكان أن يأتي مرسوم ويصححه. كل ذلك عرقلة ووضع عصي في الدواليب لضرب العهد وعدم تمكينه من تحقيق أي انجاز في عهده والجهات معروفة والرئيس اوحى اليهم واذا استمرت العرقلة بهذه الطريقة فإن الرئيس عون سيضطر إلى تسمية الأشياء بأسمائها مشيرة الى أنه أطلق دعوة انقاذية وهدفها غير شخصي إنما إنقاذ البلاد وهي دعوة انقاذية للتأسيس للحل.