كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
جاءت إحتفالات الصيداويين، كما اللبنانيين، بليلة رأس السنة الجديدة خجولة، وممزوجة بالكآبة والحزن جراء الازمات الاقتصادية والمعيشية الخانقة بخلاف التمنيات الكبيرة التي رفعوها بأن يكون العام 2022 أفضل من سابقه، حيث عانوا على امتداد فصوله الاربعة وايامه الـ 365 من تفشي “كورونا”ومن الفقر المدقع والجوع ومن الارتفاع الجنوني للدولار.
لم تشبه ليلة رأس السنة سابقاتها على الاطلاق، وفرض ثنائي الفقر والخوف من تفشي “كورونا” سيطرته على ايقاعها، ففضّلت غالبية العائلات الاحتفال في المنازل وعلى الضيّق، العائلة الصغرى وبعض الاصدقاء وبما تيسر من امكانيات ومن حواضر البيت، وبعضها الآخر قرر الغاءها واعتبرها ليلة عادية لا تستحق الاحتفال طالما كانت واحدة من عام صعب ومرير ولكنهم لم يسقطوا الشكاوى واوجاعهم ويرفعوا أكفهم الى الله ضارعين ان يبدّل الحال الى الافضل.
ويقول ابو حسام عنتر لـ”نداء الوطن”: “هي المرة الاولى التي أسهر فيها مع عائلتي المؤلفة من اربعة افراد في منزله، والسبب الخوف من “كورونا” المتحور، وقلة الحيلة في المال. كل عام كنا ننتظر هذه الليلة لنسهر في احد المطاعم ونغير الروتين رغم امكاناتنا المادية المقبولة، ولكن هذا العام: الغلاء وكورونا منعانا من ذلك، أدعو الله ان يلهم المسؤولين الحكمة ويعودوا الى رشدهم ليتفقوا على وقف الانهيار وانقاذ لبنان قبل فوات الاوان”.
وعكس الاستنكاف عن احياء ليلة رأس السنة هـدوءاً تامــاً في المدينـة، استنفـرت الفرق الاسعافية والانقاذية ولكنها لم تشهد اي حادث، تلاشت الحركة في الشوارع حتى اطلاق الرصاص غاب عن بكرة ابيه، ولم تزين المفرقعات سماء المدينة كما كانت تجري العادة رغم كل التنبيهات. ويقول مازن كنعان لـ”نداء الوطن”: “لقد قسّمت الليلة الى ثلاثة اجزاء، الاول سهرت مع اصحابي في المقهى كما كل يوم، والثاني توجهت الى منزل الوالدين وتمنيت لهما الصحة اهم شيء الآن في ظل الوباء، ثم الى منزلي حيث سهرت مع عائلتي الصغرى وسط اجواء عادية لم تخل من بعض الحلويات ومشاهدة برامج التلفاز”.
ويلقي ابناء المدينة باللوم على الطبقة السياسية الحاكمة التي أوصلت البلد الى هذا الدرك الاسفل من الانحدار والانهيار، غير مبالين بأوجاع الناس وصحتهم، حتى لم يعد بمقدورهم الدخول الى المستشفى لتلقي العلاج بسبب ارتفاع الكلفة، وفقدان الادوية وهجرة الاطباء والممرضين. وتقول ابتسام جبيلي: “دفعونا الى اليأس والاحباط، فكيف نحتفل ونفرح والحزن يسكن معنا في البيوت، ويعيش في النفوس ولا قدرة لنا على تأمين الدواء؟ لا خلاص لنا الا برحيلهم وهذا ما أتمناه في العام الجديد وان تكون الانتخابات محطة لانتخاب من يخدم المدينة وأهلها”.
وفي مفارقة بين عام وآخر، فقد حفلت الايام الاولى بحدثين متناقضين، الاول تمثل بانجاب سيّدة مولودها في سيارة إسعاف في منطقة صيدا القديمة في حالة ولادة متقدمة اثناء نقلها الى المستشفى من قبل عناصر من “فوج الإنقاذ الشعبي” في مؤسسة معروف سعد، والثاني وفاة عائلة سورية مؤلفة من اربعة افراد في بلدة الخرايب اختناقاً بسبب إشعال الفحم في منزلهم ليلاً طلباً للدفء، ونقلتهم عناصر جمعية الرسالة للإسعاف الصحي من مستشفى الفقيه إلى الواسطة – الخرايب.