Site icon IMLebanon

صحوة باسيل على تجاوزات “الحزب”… محاولة لإستباق أي تبدّلات ضده

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

تحمل لائحة التساؤلات التي وجهها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في مؤتمره الصحفي الاخير، لحزب الله عن اسباب عدم تنفيذ ورقة تفاهم مار مخايل، الموقعة بين الحزب والتيار قبل أكثر من خمسة عشر عاما، مضبطة اتهام مفصلة، وموثقة للحزب ولو بشكل غير مباشر، ومن خلال تحالفه الوثيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتحمله مسؤولية ما الت اليه الأوضاع المتردية في لبنان حاليا.

لم يترك باسيل، عنوانا خلافيا او مشكلة مهمة، الا والصقها بتهاون الحزب عنها، او تغطيتها، بدءا من تعطيل مشروع بناء الدولة، تغطية الفساد او السكوت عنه، وهو اقل من المشاركة فيه كما قال، ضرب الديمقراطية التوافقية. المسايرة بشل مجلس الوزراء مرورا بضرب رئيس الجمهورية وعهده وصلاحياته، وضرب المجلس الدستوري، ووصولا إلى التساؤل عن مصير الاستراتيجية الدفاعية واعتبار تعطيلها سببا من اسباب مشاكل لبنان مع الخليج.

لم تنفع عبارات العتب لوقف العمل بمتابعة وتطوير ورقة التفاهم، بالتقليل من وطأة الاتهامات الموجهة للحزب، بل زادت هوة المقارنة الواسعة بين اولويات التيار الوطني الحر واولويات المقاومة، إن كان بالنسبة لمشروع الدولة واصلاحها، او وضعية المقاومة، اكان تحت الدولة او في كنفها، او فوقها، مرورا بما سماه المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية وصولا إلى الشكوى من انتقاص الشراكة المطبقة مع التيار بادارة السلطة، والتهديد بأن ما يحصل على هذا الصعيد، لا يمكن ان يستمر، بسبب وجود مشروعين متناقضين، مشروع التيار باتجاه قيام الدولة، ومشروع الحزب محصورا بالمقاومة، ما يعني وجود خلاف اساسي بين الطرفين.

وقد لوحظ ان باسيل استبق هذه التساؤلات والاتهامات بحملة مركزة ضد بري وحركة امل، مطالبا بتعديل النظام السياسي، لانه لا يؤمِن انتظام السلطة، ويحد من صلاحيات رئيس الجمهورية وقدرته بادارة الدولة من وجهة نظره، مشددا على ضرورة اعتماد اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، باعتبارها تحقق توازنا افضل بين المناطق كافة حسب رؤيته. وقد أراد من هذا الطرح، ابتزاز حليفه اولا، وممارسة ضغوط على بقية الاطراف السياسيين المعارضين لهذا الطرح، وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي، كونه يشكل طرحا تقسيميا، ويتعارض مع النص الوارد في اتفاق الطائف، والمتضمن تطبيق اللامركزية الإدارية فقط، من دون التطرق الى الشأن المالي، لا من قريب ولا من بعيد. كما يسعى ثانيا، من وراء ذلك دغدغة مشاعر دعاة هذا الطرح في الشارع المسيحي تحديدا، وشدهم الى تاييده بالانتخابات النيابية المقبلة، برغم معرفته استحالة تطبيقه على اساس الصيغة التي طرحها.

في كل الأحوال، تظهر مواقف رئيس التيار الوطني الحر تجاه حزب الله تحديدا، حساسية العلاقة بين الطرفين والمازق الصعب الذي تمر به حاليا، برغم كل محاولات احتواء التصعيد الحاصل وتجنب القطيعة النهائية بينهما.

والسؤال المطروح هو، لماذا انحدرت العلاقة بين الحزب والتيار الى هذا المستوى، وما هي اهداف التصعيد الذي انتهجه عون وباسيل ضد حليفهما الوحيد المتبقي؟

لم تكن لائحة التساؤلات والاتهامات المبطنة للحزب من خلالها، بنت ساعتها، بل منذ ما قبل التوقيع على ورقة التفاهم، ولم يلتزم الحزب بأي من بنودها، برغم كل حملات الكذب والتكاذب التي تصدر عن قادة الحزب والتيار على حد سواء، وكان التيار، من رئيسه الأساسي ميشال عون وحتى اصغر عوني، يدافعون عن تجاهل تنفيذ مضمون التفاهم، بل يدافعون عن كل انتهاكات الحزب وارتكاباته لدستور الدولة وقوانينها وتحوله من مقاومة إسرائيل، وتوجيه سلاحه الى صدور اللبنانيين ومصادرة الحياة السياسية، ومشاركته بالحروب الاهلية بسوريا والعراق واليمن وتهديده لامن الدول العربية الشقيقة، طوال السنوات الماضية، مقابل تسهيل فوز مرشحي التيار الوطني الحر باكبر كتلة نيابية بالانتخابات النيابية السابقة وما قبلها، وحصول التيار على اكبر تمثيل وزاري بأية حكومة تؤلف، وتعطيل الانتخابات الرئاسية لأكثر من عامين متتالين، لتسهيل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا، والتغطية على النهب المنظم لاموال وزارة الطاقة لاكثر من عشر سنوات متتالية، ناهيك عن تغطية انتهاكات عون ووريثه السياسي للدستور وتعطيل تشكيل الحكومات وكل المسائل والقضايا التي لاتركن مصالحهما.

ولكن يبدو أن تضارب المصالح بين الطرفين، قد بدأ بالظهور، لاختلاف الظروف والعوامل المحلية والاقليمية.

ولذلك يحاول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، استدراك هذه التبدلات المرتقبة، بدفع العلاقة مع الحزب إلى حافة الهاوية، وإن كان التصويب المباشر على حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه، الا ان الهدف هو الحزب، على أمل ان تفرمل التغييرات والتبدلات التي لا تصب بمصلحة التيار، اكان بانتخابات المجلس النيابي الجديد، أو الاستحقاق الرئاسي، بينما تظهر عقبات عديدة، تقف حائلا امام تكرار تجربة توفير الفوز باكبر كتلة نيابية للتيار او اعطاء ضمانة غير ممكنة ليكون باسيل خليفة عون ببعبدا، ما يؤشر الى تصعيد غير مسبوق بالمرحلة المقبلة.