يتباهى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله دائماً بامتلاكه 150 ألف صاروخ وبأنه يعزز ترسانته الصاروخية بفعل إقامة مصانع للصواريخ في مناطق لبنانية، كما يفاخر بأن حزبه يضم 100 ألف مقاتل مدربين ومجهزين. ويستند السيد نصرالله إلى ما تقدّم، وإلى الدعم الإيراني، للتهجم على دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وادعاء التفوّق عليه والتمكّن من هزيمتها قريباً، تماماً كما فاخر سابقاً الحرس الثوري الإيراني بأنه سيحتل واشنطن وباريس وبرلين ولندن وبأنه سيزيل إسرائيل من الوجود في 7 دقائق.
المشكلة العميقة لدى كل أركان محور الممانعة أنهم لا يقرأون التاريخ ولا يتعظون من تجاربه ودروسه القريبة على الأقل. فقبل أقل من 33 عاماً فقط انهارت امبراطورية الاتحاد السوفياتي التي كانت توازي تقريبا الولايات المتحدة الأميركية لناحية قوتها العسكرية وعدد الرؤوس النووية التي تمتلكها، إضافة إلى أعداد الطائرات الحربية والدبابات والغواصات وحاملات الطائرات. انهار الاتحاد السوفياتي كما ينهار مارد من كرتون. سقط جدار برلين. انهارت أنظمة دول أوروبا الشرقية في أيام وأسابيع. تم إعدام الديكتاتور نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته في 25 كانون الأول 1989 بعد 10 أيام فقط على انطلاق الثورة في رومانيا.
لم تتمكن الرؤوس النووية وحاملات الطائرات السوفياتية من حماية الاتحاد السوفياتي والأنظمة الدائرة في فلكه، لأنها أساساً لم تتمكن من تأمين لقمة العيش الكريم لشعوبها وفشلت فشلاً ذريعاً في بناء اقتصادات قوية. لطالما كان أبناء دول أوروبا الشرقية القابعين تحت حكم الأنظمة الشيوعية الفاشلة والمستبدة يحلمون بالفرار إلى إحدى دول أوروبا الغربية. كان الألمان في ألمانيا الشرقية يحلمون بالحفر تحت جدار برلين للعيش بكرامة في ألمانيا الغربية.
ولكم تشبه الصور اليوم في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وفي قلب إيران أيضاً، تلك الصور التي كانت تأتي من دول الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية. شعوب فقيرة بعيدة عن التطور. اقتصادات منهكة ومنهارة ومواطنون يبحثون عن كسرة طعام في حاويات القمامة. إنها الصور التي نعيشها اليوم في دول محور الممانعة بقيادة إيران التي يدين لها بالولاء السيد حسن نصرالله ويعتبر نفسه جندياً في جيشها وحرسها الثوري، والتي لم تتعظ من تجارب من سبقها.
كل صواريخك وقوتك العسكرية يا سيد نصرالله لم ولن تستطيع أن تؤمن الكهرباء ولا الدواء ولا الطحين ولا الاستشفاء ولا العلم ولا فرص العمل ولا الحياة الكريمة للبنانيين، ولا للسوريين والعراقيين واليمنيين حيث تقاتل دفاعاً عن مصالح إيران وتبيع الشعوب شعاراتٍ وأوهاماً.
ما يؤمن الكرامة للشعوب هو الاقتصاد القوي. ما يؤمن استمرارية الدول والأنظمة هو مدى احترامها لشعوبها وكيف تبني لهم مستقبلا مزدهراً عوض أن ترسلهم إلى الموت والهلاك كمرتزقة فداء لأحلام توسعية تتسبب بالدمار والخراب والفقر.
أعني إيران وميليشياتها حتماً وأولاً بفعل ممارساتها في كل المنطقة العربية وخصوصاً من لبنان إلى اليمن. لكنني لا أعني إيران حصراً. فها هو الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان الذي كابر وتجبّر وغرق في أحلامه العثمانية وعادى الدول من الولايات المتحدة وأوروبا وخصوصا فرنسا وصولاً إلى المملكة العربية السعودية والإمارات، ها هو يعلن عن زيارة له إلى الرياض وأبو ظبي في شباط المقبل، لأنه أدرك أنه إن لم يتواضع لينقذ اقتصاده المنهار فسيسقط هو ونظامه.
الاقتصاد أولاً يا سيد نصرالله، وصواريخك لن تطعم جائعاً ولن تشبع أحداً كرامة. كرامة الأب هو في أن يؤمن الحليب والخبز لأولاده. كرامة الأولاد في المستوى التعليمي الجيد وفي فرص العمل. وكرامة الكبار في ضمان شيخوختهم لا في تسوّل حبّة الدواء. عنجهيتك يا سيد نصرالله وإصرارك على أن تكون أداة إيرانية وجزءًا من الحرس الثوري في لبنان والمنطقة العربية وتهجّمك الدائم على السعودية ودول الخليج العربي لن يؤمّنوا لك النجاح ولا السيطرة.
انهيار منظومتك آتٍ وبات قريباً حتماً لأن لا خلاص للبنان إلا ببناء اقتصاد قوي ومتين، وهو ما لا يتناسب مع سبب وجود “حزب الله” وطبيعة تكوينه. تذكّر دائماً ما حلّ بالاتحاد السوفياتي وما تستطيع الشعوب أن تفعله لحظة تكسر حاجز الخوف… ولا تنسى أبداً مثال تشاوشيسكو يا سيد!