كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يمرّ قضاء الكورة بفترة هدوء حذر يسبق عاصفة الترشيحات والإنتخابات، وتستعد الماكينات الانتخابية لخوض معركة هي الأشرس من سابقاتها.
تكتسب الكورة أهمية استثنائية لأنها قلب دائرة الشمال الثالثة التي تضمّ إضافةً إليها أقضية البترون وبشري وزغرتا، لذلك فإن الأخطاء ممنوعة في هذه الدائرة.
وإذا كانت “القوات” سترشح النائب السابق الدكتور فادي كرم، والحزب “السوري القومي الإجتماعي” سيرشّح نائبه الحالي سليم سعادة على رغم الخلافات الكبرى داخل صفوفه، وخيار تيار “المرده” سيقع مبدئياً على فادي غصن كوريث للنائب الراحل فايز غصن، إلا أنّ “التيار الوطني الحرّ” لم يعلن إسم مرشحه رسمياً، مع أن الإتجاه الغالب لإعادة ترشيح النائب جورج عطالله.
في كل الحروب والمعارك، تنشر القيادة العسكرية العسكر على الأطراف وتقيم خطوط دفاع أولى وثانية وثالثة، وعندما تسقط الأطراف تركّز على المدن الكبرى، وبعد فقدان الأمل بالحفاظ على تلك المدن والمراكز تنفّذ الوحدات إنسحاباً تدريجياً نحو العاصمة وهناك تخوض معركة “يا قاتل يا مقتول”.
وهذه الإستراتيجية العسكرية تنطبق بشكل كبير على “التيار الوطني الحرّ”، فقد خاض “التيار” إنتخابات 2018 متحالفاً حتى مع من كان يصفهم بـ”الدواعش” وهمه الوحيد تكبير حجم كتلته. أما اليوم، فإن البترون تمثّل بالنسبة إلى “التيار” العاصمة، فهناك مقعد رئيسه النائب جبران باسيل وفقدانه يعني توجيه ضربة قاسية لمستقبله السياسي.
في الإنتخابات الأخيرة، حاول باسيل التوسع شمالاً فنسج تحالفات مع رئيس حركة “الإستقلال” ميشال معوض وتيار “المستقبل”، واستفاد من هذه التحالفات ونجح مرشحه في الكورة جورج عطالله بعدما تخطت أصواته التفضيلية رقم مرشّح تيار “المستقبل” النائب الراحل نقولا غصن، وبالتالي فإن الموقف أصعب هذه المرة، فمعوّض يشكل لائحته، و”المستقبل” على خصومة شديدة مع باسيل، و”القومي” ووليم جبران طوق لم يحسما أمرهما بعد.
وأمام كل هذه الوقائع، يرى “التيار الوطني الحرّ” أن لا أمل له بتحقيق خروق في أقضية الكورة وبشري وزغرتا، لذلك بات واضحاً أنه تخلى عن مقعد الكورة ويضع كل ثقله لإنجاح باسيل في البترون.
وتعتبر الحرب النفسية نصف المعركة، ولذلك فإن معرفة الجميع أن باسيل لا يستطيع حصد أكثر من حاصل تضعف القدرة التجييرية في بقية الأقضية، من هنا سينخفض منسوب التصويت للمرشحين الذين لا أمل لهم بالفوز، ويخوضون المعركة كرافعة لرئيس اللائحة.
وانعكس فشل العهد تدهوراً لشعبية “التيار” في كل الأقضية ومن ضمنها الكورة، وهناك شكوك في إمكان تحقيق عطالله الرقم الذي حققه في آخر إنتخابات وهو نحو 3300 صوت، في حين أنه سيكون للائحة معوض مرشّح من كفرعقا بلدة عطالله، بينما يُسجّل تنامٍ لحضور “القوات” في كفرعقا والبلدات المجاورة.
ووسط الحديث عن إمكانية تحالف “القومي” مع باسيل، إلا أن هذا الأمر لا يعني بتاتاً فوز عطالله حتى لو حصلت اللائحة على حاصلين، لأن “القومي” يشكل القوة الثانية في الكورة بعد “القوات” وبالتالي سيذهب المقعد الثاني حكماً إلى مرشحها لا إلى مرشّح “التيار”.
ويبقى إنتظار إعلان الترشيحات رسمياً والنظر إلى تفاعل الناس مع حراك المرشحين، بينما الواضح أن الأساس لدى الناس هو محاسبة من أوصلهم إلى قعر جهنم والتخلّص من المحور الذي حكمهم وأفقرهم وعزلهم.