جاء في المركزية:
قبل عامين وتحديدًا في 13 أيار 2020 أشعل هاشتاغ “إيدك عن لاسا” صفحات التواصل الإجتماعي. وما حصل في لاسا من اعتداءات على أراضي الكنيسة والأهالي، تكرر في بلدة الغابات في قضاء جبيل حيث وصلت الاعتداءات على اراضي البلدة والكنيسة إلى حد فرض أمر واقع بقوة الترهيب والسلاح. فكانت صرخة البطريرك الراعي المدوية في عظة الاحد حول عمليات التعدي على أملاك وأراضي الغير من دون أي رادع قانوني وقضائي. فهل تكون الغابات نموذجا جديدا على انتهاك كرامة الدولة في لبنان وفرض الدويلة وخفافيشها سلطتهم فوق القانون؟
نائب رئيس حزب الكتائب سليم الصايغ يروي لـ”المركزية” تفاصيل الإعتداء على الأراضي الخاصة في بلدة الغابات: “منذ حوالى 4 أسابيع دخلت مجموعة من الأشخاص بالقوة إلى أراضي خاصة تابعة لمطرانية جونية وأخرى لأهالي البلدة وعملت على زرع أكثر من 700 نصبة أشجار مثمرة. وهذه ليست المرة الأولى، فالإعتداءات اليومية تتكرر بهدف تكريس وضع اليد عنوة على أراضي وأملاك خاصة من دون علم ولا مشورة ولا خبر، مما دفع بالقيمين على مطرانية جونيه إلى تقديم شكوى لحفظ حقوقها. وقد تسلم البطريرك الراعي نص الدعوى ووعد بإحالتها الى قيادة الجيش لاتخاذ التدابير المناسبة”.
ما يحصل في الغابات كما في لاسا أفقا ومجدل العاقورة يتخطى مفهوم نزاع بين شيعي وماروني، أو بمعنى آخر بين مسلم ومسيحي. فهذه المنظومة انتهت منذ زمن ودفعنا ثمنها شهداء ووطنا. “ما حصل في لاسا ومجدل العاقورة وأفقا، ويحصل اليوم في الغابات هو تكريس أمر واقع بفعل الترهيب والترغيب وصولا إلى إطلاق النار في الشوارع ليلا بهدف ترهيب الأهالي ومنعهم من استصلاح أراضيهم”.
وإذ يؤكد الصايغ أن القضية باتت في عهدة قيادة الجيش إلا أن الخشية تبقى من أن يتحول ملف الغابات إلى لاسا 2. وفي هذا السياق يشدد “على الإلتزام بمفهوم الدولة والقانون والمؤسسات لأننا لا نريد أن تتطور الإشكالات إلى نزاع عسكري بين الأهالي العزّل والمعتدين المدججين بالسلاح، تماما كما حصل في أفقا ومجدل العاقورة حيث دارت اشتباكات بالسلاح مما اضطر الجيش إلى التدخل وتوقيف المعتدين”.
بالحق والقانون يسعى “العقلاء” إلى وضع القضية في عهدة بكركي “ونتمنى أن تحل المسألة ضمن أطر المؤسسات ويعود الأهالي لاستصلاح أراضيهم من دون ترهيب ونكتفي بهذا القدر من الكلام والمواقف حتى اللحظة إلا إذا… “. أما مطرانية جونيه فعمدت إلى رفع دعوى لحفظ حقها حتى لا تحصل عملية تكريس لوضع اليد سيما وأن القانون يكرس للمعتدي حق امتلاك الأرض التي يزرع فيها شتولا أو أشجارا في حال عدم تدخل أي طرف للمطالبة بها. ويشير الصايغ إلى أن الإحتكام إلى القانون والمؤسسات ليس من باب “الإستضعاف” إنما “لأننا نؤمن بأن ما يحصل في بلدة الغابات ليس مسألة نزاع على الأملاك، إنما هناك قانون وقرار قضائي ويجب تطبيقه، والخروج عنه يعني الذهاب إلى شريعة الغاب ونحن لا نريد ان نحتكم إلى منطق هذه الشريعة”.
تبقى إرادة الشعب، والإحتكام إليها واجب وضروري خصوصا أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تمادي “صغائر موظفي الدويلة” في الإعتداء على أراضيهم. وفي هذا الصدد يضيف الصايغ: “الأهالي مصرون على الإحتكام إلى القانون إلا إذا اعترفت الدولة ومؤسساتها الأمنية بعجزها عن بسط سلطة القانون. عندها قد يضطرون للذهاب إلى مكان آخر. إلا أننا لن ننجر إلى أسلوبهم الهمجي لذلك نكرر مطلبنا بتحمل الجيش والقوى الأمنية مسؤولياتها فالدفاع عن الأرض حق مكرس في القانون. وعلى الدولة القيام بعمل إستباقي لمنع أي احتكاك والندم في لحظة لا يعود فيه منفعة”.
وبالنهج الوطني يؤكد استحالة حصول أي تغيير ديمغرافي أو جغرافي، ولا حتى تنازل أو استسلام من قبل الأهالي. “على العكس فإن هذه الممارسات أكدت تمسك الأهالي بهويتهم القروية وتجذرهم بالأرض، ولن يسمحوا لحفنة من المعتدين الخارجين عن القانون من تركيعهم بقوة الأمر الواقع ونحن جزء من هؤلاء الناس”.
الرهان حتى اللحظة باق على سلطة القانون ومؤسسات الدولة لكن بالتوازي جرافة الدويلة تواصل اعتداءاتها تارة بشق طرقات وتارة بتغيير الأسلاك الشائكة عدا عن الممارسات الشيطانية لتثبيت أمر واقع ما. فهل يكون الأهالي رهينة الأمر الواقع ويتركون لمصيرهم؟ “الممارسات الإستفزازية متواصلة ولا نريد أن تخرج الأمور عن طورها وعلى رغم تسليمنا بالقانون إلا أننا لن نطمئن إلا عندما تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل زرع 700 نصبة من الأشجار في أراض خاصة، وعندما يعود الأهالي إلى أراضيهم. وإلا سيكون لدينا حديث آخر في حال حصول أي تطور خارج الأطر القانونية” يختم الصايغ.