أمام الحالة اللبنانية الميؤوس منها، لم يعد ينفع سوى الدعاء والتضرّع ورفع الصلوات لرفع الكرب عن هذا البلد بعدما أخذت الأكثرية الحاكمة أبناءه “رهائن” في عقر ديارهم، فقطعت عنهم سبل العيش والنجاة، وتركتهم يصارعون الموت من قلّة الغذاء والدواء والاستشفاء، في أكبر جريمة منظمة من نوعها ترتكبها سلطة بحق شعبها عن سابق إصرار وترصّد، لغايات وحسابات، منها ما هو سلطوي يطمح إلى إحكام القبضة الإقصائية على الخصوم، ومنها ما هو استراتيجي يهدف إلى الإطباق على الكيان والإجهاز على الهوية، وهو ما بات يشكّل مبعث قلق متعاظم عبّر عنه البابا فرنسيس أمس بوضوح أمام أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمد في الفاتيكان، من خلال تأكيده الصلاة من أجل لبنان “لكي يبقى ثابتاً في هويته”.
ومع تفاقم الأزمات وتراكمها على كاهل المواطنين، أصبح البلد واقفاً على شفير انفجار اجتماعي وشيك “بدأ فتيله يشتعل على الأرض بشكل ملموس منذراً بقرب خروج الأمور عن السيطرة” وفق التقديرات والتحذيرات التي تناقلتها أوساط مراقبة لتدحرج كرة الحراك المناطقي خلال الساعات الأخيرة، معتبرةً أنّ لبنان دخل ابتداءً من هذا الأسبوع مرحلة “اضطرابات متنقلة”، قد تشهد منعطفات ومنزلقات خطيرة على المستوى الميداني، تحت وطأة تفلت سعر الدولار وانهيار القدرة الشرائية لدى الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وتمدد شرارة الأزمات في أكثر من اتجاه، لا سيما في ضوء ارتفاع سعر المحروقات اليوم، وتلويح المطاحن والأفران بانقطاع الطحين والخبز غداً، وصولاً إلى “يوم الغضب” الذي ينفذه اتحاد النقل البري بعد غد الخميس.