كتب عمر حبنجر وداود رمال في “الانباء الكويتية”:
انشغلت بعبدا امس بالمشاورات التمهيدية للحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون، والمفترض استكمالها اليوم، وفي كلتا الحالتين، النتيجة معروفة سلفا، مادامت المشاورات اقتصرت على أهل الدار الرئاسية، بغياب المعارضة الممثلة بتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، ما جعل البعض يعتبر الحوار المطروح «مضيعة للوقت» وانه كان الأولى الانصراف الى معالجة هموم الناس، مع الدولار المتفلت والأسعار الهمايونية بدل التلهي بنفخ «البوالين الحوارية».
تيار المستقبل، لا يرى فائدة من حوار برعاية طرف يسعى لاسترجاع موقع الحكم، وفي رأي المستقبليين ان من يجرب المجرب عليه مراجعة طبيبه النفسي. بدورها القوات اللبنانية التي خاضت تجربة التحالف مع الرئيس عون، في لقاء معراب الشهير، يتساءل احد نوابها عماد واكيم في حديث لقناة «الجديد»، عن مبرر إجراء حوار منقوص في بعبدا، بينما كل الأطراف السياسية موجودة في مجلس النواب، وفي مجلس الوزراء، فلماذا الحوار خارج هذين الموقعين الدستوريين؟
وزاد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع على ذلك بالقول: ان فوزنا في الانتخابات النيابية سيؤدي حتما إلى تحسن فوري في سعر الصرف وضخ أجواء إيجابية تسمح بتأمين أجواء الإنقاذ الاقتصادي. أما الحزب التقدمي الاشتراكي، فأعلن على لسان رئيسه وليد جنبلاط انه مع الحوار من حيث المبدأ، ولكن بعد فك الحظر عن اجتماعات مجلس الوزراء، أو بعد الانتخابات، اما عن تلبية دعوة الرئيس عون للتشاور فقد حال التوعك الصحي دون تلبيتها شخصيا.
من جهته، رئيس المجلس النيابي نبيه بري قرر تلبية الدعوة الرئاسية مع كتلته، متجاوزا الصراع السياسي المتفجر بينه وبين الفريق الرئاسي الذي يديره جبران باسيل، انسجاما مع كونه يمثل الطرف الثاني في الثنائية الشيعية التي تضم أمل وحزب الله، بمعزل عن قناعته التي ليست بعيدة عن قناعات المقاطعين الآخرين، الذين لا يرون جدوى من الحوار المطروح في ظروف لبنان، خصوصا شمول جدول أعماله «الاستراتيجية الدفاعية»، التي من الواضح ان الرئيس عون تأخر كثيرا في مقاربتها.
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي فاجأ الآخرين بتلبية دعوة عون، فاجأهم مرة أخرى عندما أعلن من بعبدا بعد اللقاء أنه يشارك في الحوار شرط ان يكون بين طرفين، وليس بين طرف واحد.
وأشار فرنجية إلى أنه «ليس هناك من موقف شخصي مع رئيس الجمهورية. اما في موضوع الحوار، فهو يجب ان يكون بين فريقين برأيين مختلفين، اما ان يكون ضمن فريق واحد، فلا فائدة من الحوار للشكل فقط». وأعلن تأييد «أي قرار يتخذه هذا الفريق». وقال: «لكن ان نحضر من اجل الحضور فقط فلا فائدة من ذلك. وبالتالي لن نشارك في الحوار».
وهكذا يكون فرنجية، حفظ خط الرجعة، مع حلفائه، وفي طليعتهم حزب الله، بأنه لبى دعوة الرئيس عون، ولم يغلق الباب مع المقاطعين بانضمامه الى صف مقاطعي جلسات الحوار، منسجما في ذلك مع نفسه كخصم سياسي للرئيس عون وصهره جبران باسيل، ومع مصلحته كمرشح مفترض لرئاسة الجمهورية.
ومن أهل البيت أيضا، التقى عون رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية النائب محمد رعد الذي قال: «موقفنا مؤيد لهذه الدعوة، وموافق على مشاركتنا في الحوار الوطني المقترح».
بدوره، دعا رئيس كتلة «ضمانة الجبل» النائب طلال ارسلان بعد لقائه عون الى عدم تعطيل الحوار.
وأضاف: «نحن سنشارك اذا تمت الدعوة إليه». ويستكمل عون اليوم لقاءاته التحضيرية، فيستقبل وفد «اللقاء التشاوري»، ووفد «الحزب القومي الاجتماعي»، وكتلة «نواب الأرمن»، ووفد تكتل «لبنان القوي».
إلى ذلك، نقلت سفيرة فرنسا لدى لبنان السفيرة آن غريو الى رئيس الجمهورية رسالة دعم من فرنسا رئيسا وحكومة وشعبا الى لبنان وشعبه بأن باريس تقف الى جانبهما. وأشارت الى ضرورة عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد. كذلك رحبت بالدعوة الى الحوار التي وجهها عون، وتمنت ان يتمكن لبنان من العمل على تخطي كل الأزمات التي يواجهها، من خلال تضامن اللبنانيين ووحدتهم.
الراهن ان ثمة من لا يريد تسليط الأضواء الحوارية على الرئيس عون، وعلى وريثه السياسي باسيل، عشية الانتخابات النيابية، التي فتحت وزارة الداخلية الأبواب لتسجيل المرشحين إليها، وكان أولهم ادغار مفيد بولس، الذي قدم ترشيحه عن قضاء الكورة في محافظة الشمال. وتبقى الكلمة الأخيرة في موضوع الحوار، للرئيس عون، بنتيجة تقييمه لإدلاءات كل من تشاور معهم، فإما ان يوجه الدعوة ويعقد الحوار بمن حضر، وإما ان يصرف النظر.
المصادر المتابعة تفضل عدم الاستنتاج، لكنها تتساءل مع المتسائلين، عن أي نتيجة ستكون لحوار على طاولة مبعثرة، وسط ترقب للإضراب العام الذي ينفذه سائقو النقل العام يوم غد احتجاجا على كل الأوضاع بمشاركة نقابات أخرى وجمعيات، حيث ثمة مخاوف من فوضى أمنية مدبرة خصوصا في مدينة طرابلس.