Site icon IMLebanon

هل تتم “الصلحة” بين “التيار” و”المردة”؟

كتب عمر حبنجر في الأنباء الكويتية:

أجواء الغضب خيّمت على لبنان منذ مطلع هذا الأسبوع، تحت ضغط الارتفاع المتصاعد لسعر صرف الدولار الأميركي على هامة الليرة اللبنانية المتداعية، وتمثل بإقفال بعض الطرق والساحات ومهاجمة مؤسسات رسمية، إلا أن ما يمكن أن يشهده لبنان، اعتبارا من اليوم، حيث موعد الإضراب العام لاتحادات النقل البري والنقابات الحليفة، قد يكون الأسوأ على المستوى الأمني خصوصا، استنادا إلى التحضيرات الجارية لـ «يوم الغضب» كما وصفه رئيس اتحاد النقابات بسام طليس، القريب من المناخ السياسي لحركة أمل.

وقد يكون للسياسة دورها في تأجيج غضب 25 ألف مواطن يعملون في قطاع النقل العام، لكن الأساس يبقى للعوامل الاقتصادية والمعيشية، المتراجعة، أمام التقدم الجنوني للدولار الأميركي في الأسواق اللبنانية السوداء، المتحكمة في الوضع المعيشي، والذي بات أشبه بالقاطرة التي تجر خلفها مختلف الاحتياجات الضرورية للمواطن، من خبز ودواء ومحروقات، فقد قرع الدولار باب الـ 33 ألف ليرة بالأمس، فارتفع معه سعر طن الطحين إلى خمسة ملايين ليرة، وربطة الخبز إلى 10 آلاف ليرة، وعادت الطوابير إلى التجمع أمام أفران الخبز التي قللت من إنتاجها بداعي هبوط مخزون الطحين، بسبب تراجع حجم الاستيراد تبعا لندرة وجود الدولار، ليتبين، لاحقا، أن تهريب الطحين والخبز ما زال مستمرا باتجاه سورية.

وهنا تشير التقارير إلى اتخاذ حزب الله إجراءات تتناول إعادة تنظيم وحداته العسكرية في سورية بمدينة سرغايا الحدودية مع لبنان، والامتناع عن التواجد العلني في المواقع السورية، كما ذكرت قناة «الحدث» على إثر اجتماعات مع قادة الحرس الثوري الإيراني.

في هذه الأثناء، سأل الرئيس العماد ميشال سليمان في بيان «لماذا الإمعان في معاكسة إرادة الشعب اللبناني ومصالحه عبر الإصرار على مهاجمة دول الخليج؟ ألا تستحق المصلحة الوطنية العليا تجاوز العواطف الشخصية؟»، وأضاف «ألا يتوجب على الجميع وفي مقدمتهم رئيس البلاد مصارحة حزب الله بوجوب التوقف عن الإساءة إلى علاقاتنا الخارجية والإقلاع عن سياسة عزل لبنان عن محيطه والعالم؟».

إلى ذلك، انشغلت الرئاسة بالمشاورات التمهيدية للحوار الذي دعا إليه الرئيس عون، حيث التقى عصر امس وفد اللقاء التشاوري «السني» برئاسة فيصل كرامي الذي قال انه عندما يدعو الرئيس عون إلى الحوار سنتخذ قرارا بالمشاركة أو عدمها.

وكذلك التقى عون رؤساء حزب الطاشناق الأرمني (آغوب بقرادونيان)، والقومي السوري الاجتماعي (أسعد حردان)، ولبنان القوي (جبران باسيل).

وذكرت مصادر متابعة أن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حاول إصلاح ذات البين بين سليمان فرنجية وجبران باسيل تشمل طي الصفحة السابقة والتحالف في الانتخابات المقبلة، لكن النائب طوني فرنجية، الذي التقى قاسم، رفض، مبلغا قاسم أن باسيل هذا الذي كان يفتعل الخلافات باستمرار مع «تيار المردة» وليس العكس، وقبلها عقد صفقة مع «القوات اللبنانية» لتأييد وصول عون إلى الرئاسة قاطعا الطريق على ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، كما أنه يتهمنا بالفساد.

وسأل فرنجية الابن: كيف تطلبون منا التحالف مع باسيل في الانتخابات في حين أن حليفكم الأساس، الرئيس نبيه بري، على خلاف مستحكم مع العهد؟ هناك استحالة للتحالف في ظل هذه الأجواء المتشنجة.

ويبدو أن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط صرف النظر عن لقاء عون أو المشاركة في الحوار الذي دعا إليه، وقال أمس انه لن يشارك في طاولة الحوار لأنها بلا جدوى، مضيفا: ماذا ستناقش طاولة الحوار؟ الاستراتيجية الدفاعية رفضت والنقاش حولها عقيم، لأن الطرف الآخر رفضها منذ أيام الرئيس ميشال سليمان، أما الشأن المالي أو ما سمي بخطة التعافي، فهو من شأن مجلس الوزراء وكذلك اللامركزية. لذلك، فإن الأجدر اجتماع الحكومة بدل الهروب إلى طاولة حوار بلا نتيجة.

صحيفة «اللواء» القريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعتبرت أن الحوار الذي يدعو إليه عون «مسرحية سياسية».

ولاحظ المتابعون أن اسم رئيس مجلس النواب لم يرد في جدول لقاءات الرئيس عون التشاورية.

وأشارت المصادر المتابعة إلى أن بري اكتفى بالاتصال الهاتفي الذي أجراه معه الرئيس عون وأكد له الاستعداد للمشاركة.

حزب الكتائب رأى في الحوار المطروح نوعا من الهروب إلى الأمام من خطيئة تسليم البلد إلى حزب الله الذي لا يعنيه إلا الإبقاء على منظومته حية، ولا يهمه سوى استخدام لبنان واللبنانيين دروعا بشرية لتنفيذ أجندته الإقليمية.

ويبقى القرار للرئيس عون الذي بات أمام خيارين: إما الدعوة للحوار بمن حضر، كما ينصح بعض مستشاريه، أو الاكتفاء بإصدار بيان من وزن اللهم اشهد اني حاولت، كما يرى فريق استشاري آخر.