كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
على وقع العاصفة «هبة» التي تضرب لبنان تسير عكار ومناطق الشمال، مع مجرياتها وهي الأقوى هذه السنة، وتترافق مع رياح شديدة وأمطار غزيرة، وثلوج وصلت إلى ارتفاع 800 م عن سطح البحر وما فوق في المناطق الشمالية.
وقد لامست درجات الحرارة الصفر في بعض القرى والبلدات في عكار والضنية، وتدنّت إلى ما دون الصفر في فترات الليل، وبدت حركة السير خفيفة جداً، ولم يخرج المواطنون في الكورة وطرابلس من منازلهم إلا لشراء الحاجيات الضرورية.
ومع العاصفة، برزت معاناة الأهالي في المدن والمناطق الساحلية من الإنقطاع المستمر للتيار الكهربائي من جهة، وارتفاع أسعار المازوت والغاز أي المواد التي يستخدمها أهالي تلك المناطق من أجل التدفئة في هذه الفترة. أما في المناطق الجردية لا سيما في عكار والضنية والكورة، فلجأ أكثرية الأهالي إلى مدافئ الحطب، لا سيما من استطاع منهم تجميع كميات منه قبل وصول العاصفة. بالمقابل، ثمة عائلات جعلتها العاصفة تئنّ من وطأة البرد في ظل الأزمة الإقتصادية وعدم قدرتها على تأمين الغاز أو الحطب أو المازوت من أجل التدفئة.
المخيمات مستنقعات!
أوضاع مخيمات النزوح شمالاً لم تكن أفضل حالاً. فقد دخلت المياه إلى الخيم وحولتها مستنقعات وسط موجة برد شديد، ورفع النازحون السوريون أصواتهم مطالبين كل من يعنيه الأمر بضرورة التفكير بالنازح الذي يئنّ من شدة البرد وقساوة العاصفة.
أما المزاعون في عكار والمنية ففي خوف وحسرة على مواسمهم، بعدما تضرّر بعضها بالكامل بفعل الجليد والسيول وينتظرون انتهاء مفاعيل العاصفة وتفاعلاتها لتفقّد أراضيهم وبيوتهم البلاستيكية.
على المقلب الآخر، أدت العاصفة إلى سيول واسعة على الطرقات وانعدام الرؤية، ما دفع بالعديد من المواطنين إلى تجنب الحركة، بينما كانت الجهات المعنية في المناطق الجردية تحذّر المواطنين من التجول بسبب الضباب الكثيف وصعوبة التنقل.
وعملت الجرافات التابعة لوزارة الأشغال واتحادات البلديات على فتح الطرقات لتصبح سالكة للسيارات المجهزة بسلاسل معدنية وسيارات الدفع الرباعي. كما أدت العاصفة إلى بعض الأضرار المادية في بعض المناطق، ساهم فيها سقوط أشجار أو أعمدة وجدران على سيارات مركونة بجوارها. في المقابل، لم يمنع الطقس العاصف محبّي الثلج من الخروج من منازلهم للتمتع بمناظره، لا سيما في ساعات الظهر بعدما هدأت العاصفة نسبياً وأشرقت الشمس لبعض الوقت. ولم يتمكّن المواطنون من توثيق صور الثلج العاصفة كما كل سنة، لانقطاع شبكات الإنترنت والإتصالات في معظم مناطق الشمال.
وأمام هول العاصفة لم تقم البلديات وأجهزة الدولة المعنية بأي إجراءات وقائية تحسباً لها لا سيما لجهة تنظيف المجاري والأقنية، فذهبت تعاميم وزير الداخلية والمحافظين هباءً، وفضحت «هبة» تقصير الدولة اللبنانية سواء لجهة البنى التحتية المهترئة أم لعدم تأمين أبسط مقومات الحياة للناس في الكهرباء، وبرزت بالتالي معاناة المواطن اللبناني وحرمانه المزمن، لا سيما في مناطق الأطراف.