Site icon IMLebanon

هل انتهت “الكتائب” في البترون؟

كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:

تستعدّ دائرة الشمال الثالثة (زغرتا وبشري والكورة والبترون) لمعركة «كسر عظم» أشدها في البترون التي ستشهد «أم المعارك»، فكلّ من فيها، في العرين المسيحي، ينشط في عقد التحالفات واحتساب الفواصل، بالورقة والقلم، ووحدهم الكتائبيون يمرّون بحالة أقل ما يقال فيها: الضياع. وعبثاً يحاول «كتائبيو البترون» طلب لقاء «سيّد الحزب» الذي أبى، منذ كانون الأول 2021، إستقبال ولو كتائبي بتروني نشط واحد. فماذا في القصّة الكتائبية البترونية؟ وماذا في آخر نتائج الحراك الإنتخابي البتروني؟

في حين كان سامي أمين الجميل يلتقي البارحة سامر جورج سعادة في بيت الكتائب في الصيفي كان عدد من المسؤولين الكتائبيين في البترون يتبادلون كل الهواجس بصوتٍ عالٍ. وضع هؤلاء كل أسماء المرشحين على الطاولة وبدأوا في الجوجلة وفي كلِ مرة وصلوا فيها الى اسم المرشح الكتائبي: سامر جورج سعادة؟ مجد بطرس حرب؟ سواهما؟ كانت علامات الحيرة تشتدّ على وجوههم. فمع من سيتحالف الحزب في هذه الدائرة؟ هؤلاء طرحوا كل أسئلتهم على الأمين العام أيضا لكنه، كما رئيس الحزب، لم يشف غليلهم. فهل يا ترى لا يعرف بعد أم يحتفظ لنفسه بما يعرف؟

نقمة الكتائبيين شديدة، في بقعة طالما اعتبرت خزاناً كتائبياً شعبياً في المهرجانات وعلى جبهات القتال. وهؤلاء يستعيدون اليوم كثيراً تلك الحادثة التي جرت ظهر يوم نيساني من العام 1975 حين اتصل فؤاد روكز بشباب البترون طالباً المساعدة مردداً: الفلسطينيون «طاحشين» على الأشرفية. وما هي إلا ساعات حتى انتقل الى البيت المركزي في الصيفي مئة مقاتل كتائبي بتروني لحماية الأشرفية والبيت المركزي. ومذاك توزع كتائبيو البترون على مختلف الجبهات وسقط لهم مئات الشهداء. ويتذكر هؤلاء اليوم كيف استردّ كتائبيو البترون بناية الكمال في أسواق بيروت وسلموها لوحدات بيروت. أليس من حقّ هؤلاء اليوم أن تخبرهم «الكتائب الجديدة» بما تضمره لمدينتهم والقضاء؟

طيف جورج سعادة

كتائبيٌّ من عرين البترون يقول لمن يلتقيهم «حين نقول كتائب البترون نعني بصراحة جورج سعاده، الذي ما زال حاضراً في أذهان وقلوب كل الكتائبيين حتى من التزم منهم لاحقاً منازلهم أو التحقوا بأحزاب أخرى مثل القوات والتيار». إسم جورج سعاده طبعاً لا يريح آل الجميل حيث لا تزال نتائج إنتخابات رئاسة حزب الكتائب عام 1986 وما تلاها ترافقهم، مع العلم أن كتائب البترون بقوا الأكثر وفاء لآل الجميل، حتى عندما كانوا في المنفى، بدليل أن الشهيد بيار الجميل كان حاضراً دائماً في المنطقة التي كانت تعني له الكثير». لكن، ما يقلق الكتائبيين في البترون «أن قيادة الحزب تساوم في كل مرة عليهم من أجل مقعد في زحلة أو أصوات في المتن الشمالي. وهذا ما لن يرتضوه اليوم».

هنا، يلفت أحد الكتائبيين الى «أن إقليم البترون الكتائبي من أكبر الأقاليم الكتائبية أما ميزانيته الشهرية فهي تنقص عن موازنة أصغر إقليم كتائبي. ولولا سامر جورج سعادة، مع بعض المتمولين الكتائبيين في الإغتراب، لما امكن إعداد نشاط كتائبي بتروني واحد».

في المعلومات، إجتمع أكثر من 30 مسؤولاً كتائبياً في البترون يوم السبت الماضي، في 15 كانون الثاني هذا، وكان الجوّ متوتراً جداً على الرغم من محاولة سامر سعاده تخفيف الإحتقان. وأحدهم واجه المجتمعين قائلاً: «ما بيجوز نكمل هيك. الإنتخابات بعد اربعة أشهر وبدنا نعرف إسم مرشح الكتائب في المنطقة. مندعم مجد بطرس حرب أو مين؟». يومها إنقسمت الآراء وتقرر رفع توصية بإسم إقليم البترون الكتائبي للقيادة للإسراع باتخاذ القرار مع تأكيد رغبة كتائب البترون بوجود مرشح كتائبي ولو حصل فقط على ألف صوت. وقال أحد المجتمعين: إذا لم يكن هناك مرشح كتائبي في هذه الدورة فمعناه أن الكتائب إنتهت».

هذا الإجتماع دفع سامي الجميل الى لقاء سامر سعادة البارحة. لكن، السؤال، ماذا لو لم يكن هناك مرشح كتائبي في انتخابات أيار 2022؟

ثلاث فئات ستُصبح عليها «الكتائب اللبنانية» بحسب كتائب البترون. فكل الدراسات تشير الى امتلاك الحزب في المنطقة بين 2000 و3000 صوت تجييري. وبالعودة الى انتخابات 2018، نال مرشح الحزب 2400 صوت تفضيلي وشكلت تلك النسبة الأعلى التي حصلت عليها الكتائب بعد المتن الشمالي والأشرفية (التي تحالفت فيها مع القوات علما أن لنديم بشير الجميل حيثية خاصة). أما اليوم، فأكثر من نصف تلك الأصوات ستُصوّت لمرشح القوات اللبنانية، ولا يُخفى على أحد أن القواعد الكتائبية – القواتية في البترون متداخلة جداً على الرغم من كل الخلافات المعلنة بين الحزبين. وبالتالي لا يمكن الفصل بتاتاً بين الكتائبي والقواتي في البترون.

هناك فئة ثانية تعتبر أنها ستلتزم بقرار الحزب مهما كان وعديدها لا يتجاوز 500 صوت. وتوجد فئة ثالثة من الكتائبيين يُرجح أن تلتزم منازلها إذا لم يكن هناك مرشح كتائبي.

كتائبيو البترون يجزمون أنه بغياب وجود مرشح كتائبي فسيستحوذ مرشح القوات غياث يزبك على 80 الى 90 في المئة من أصوات الكتائبيين، لا سيما المخضرمين منهم، خصوصا أن كثيراً منهم تربطهم علاقات قديمة مع قائد القوات اللبنانية سمير جعجع يوم كان في ثكنة القطارة وكانوا هم في ثكنة البترون.

بين الصيفي والبترون

كتائبيو البترون أسهبوا في الكلام عن المشكلة بينهم وبين قيادة الصيفي، التي لم يعد خطابها يشبههم. ويستذكر هؤلاء كثيراً الصراع بين كتائب البترون واليسار القديم. وهنا يهب أحدهم سائلا: «ألم يشعر الأمين العام الحالي لحزب الكتائب سيرج داغر عندما كان في لقاء عبدللي بالتباعد ما بين طروحاته وتجاوب الكتائبيين الحاضرين؟»، أضاف «بدن يسمحولنا بالصيفي. وقت خلقوا كلّن من رئيس الحزب ونزول كان الحزب قد قدم 4000 شهيد ومنطقة البترون قدمت وحدها أكثر من 300 شهيد كتائبيّ».

بعيداً قليلاً عن الإجتماع الكتائبي في البترون، ماذا عن التحالفات؟ ماذا عن التوقعات؟

ربيع الهبر، مدير عام شركة «ستاتيستكس ليبانون» يقول: «المعركة ستكون قاسية جداً. إنها أمّ المعارك. و»نجم الساحة» فيها هو جبران باسيل الذي بتحالفه مع القومي يضمن فوزه. أما الكتائب فهي تحتاج، من أجل استكمال معركتها، أن تدفع الى اتجاه انسحاب مجد حرب أو سامر سعاده كي لا يلغي أحدهما الآخر. أما القوات اللبنانية، فلا يخفى على احد، أنها القوّة الأساسية مع التيار الوطني الحرّ».

التيار العوني بحلفِهِ مع القومي (مع ما لهذا الفوز من بُعد يرفضه البترونيون) قد يضمن فوزاً. أما بالنسبة الى بقية الافرقاء المسيحيين فالقوات لديها 10 آلاف صوت ومجد بطرس حرب لديه 6 آلاف صوت والكتائب لديها (بأصوات سامر سعاده) 2500 صوت. وسامي الجميل، بحسب أولاد البترون، يهمه جداً إنسحاب سامر سعاده «حبياً» من المعركة الإنتخابية المقبلة، في سعي للإحتفاظ بأصوات بيت سعاده، وهو العالم أن الكتائب بلا بيت جورج سعاده، ستكون أضعف بكثير. لهذا كان اللقاء البارحة ونتائجه مفتوحة ستبقى في الأيام المقبلة على اتجاهات عدة.

مجد بطرس حرب، شابٌ واعد، يلقى إستحسانا كبيراً من أهالي البترون وهو سيكون على الأرجح مرشح تحالف يجمعه مع ميشال معوض والكتائب. أمرٌ آخر سرى مثل النار في الهشيم بين من يتابعون التحضيرات للإنتخابات في البترون وهو تحالف وليد حرب مع العونيين. ومن لا يعرف وليد حرب نقول هو مدير مستشفى تنورين، القريب من القوات، وكان مرشحا محتملا في صفوفها. أكثر من ذلك، هناك من يقول ويجزم فوق، في جرود البترون، حيث جذور الدكتور حرب، أنه كان قد تقدم للحصول على بطاقة قواتية! فهل ما حصل يندرج ضمن عجائب تلك المنطقة حيث استنجد جبران باسيل بقواتي محتمل؟

وليد حرب نموذج ناجح جداً يحبه ناس البترون جرداً وساحلاً ووسطاً، فمن يضمن ألّا يأخذ أصواتاً حتى ولو نزل مع خصم ومنافس واسم نافر؟ هناك، في الجرد، إجابة واضحة مثل الشمس: «حتى ولو نزل مارشربل مع التيار الوطني الحر فلن يأخذ أصواتنا.

ليال بو موسى، الإعلامية في تلفزيون الجديد، مرشحة هي ايضاً للمرة الثانية في البترون، ضمن صفوف المجتمع المدني وهي الخارجة من رحم منزل شيوعي. وخطاب بو موسى لا يستهوي طبعاً اهالي البترون. وهي لا تشكل خطراً محدقاً على الأحزاب والعائلات السياسية الكبرى.