كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
طرابلس مدينة تأسرها الفوضى والإهمال وغياب القانون من كل النواحي. لا خطة سير، ولا خطة أمن، ولا خطة اقتصادية، ولا معالجات اجتماعية للقضايا الإنسانية، ولا خدمات أو تقديمات، وفوق هذا كله، على المواطن الطرابلسي أن يتعود على إخلاء الشوارع والطرقات من الآن وصاعداً للأبقار والمواشي.
الزحمة في شوارع منطقة «أبي سمراء» تسبّبها الأبقار الشاردة كل يوم أكثر مما تسببها السيارات. وثمة مناطق أخرى تسرح فيها الأبقار الشاردة وتمرح، كالقبة والضم والفرز… في مشهد قديم جديد في شوارع طرابلس ومناطقها. ما يثير حفيظة اهالي المدينة حيال هذه الظاهرة، أن أصحابها وفي معرض قيامهم بإطعامها وسوقها إلى الأراضي والبراري، فإنهم يدفعون بها للسير على الطرقات العامة اختصاراً منهم للمسافات، وهناك من يترك قطعان أبقاره ومواشيه في إحدى الأراضي وينساها، فتتنقّل على الطرقات من دون أي رعاية، ما يؤدي إلى عرقلة السير من جهة والتسبّب بحوادث من جهة أخرى. وهذه القطعان ليست من داخل طرابلس وحسب وإنما أكثرها من ضواحيها، ولدى سيرها في الشوارع تأكل الأشجار والأزهار المزروعة في الوسطيات والمستديرات وترمي برازها وأوساخها على الأرض، في مشهد يعتبره أبناء المدينة مستفزّا للذوق العام فيها. وقد أثار مشهد عشرات الأبقار، التي تتجول بحرية وهدوء صباح الخميس الماضي أمام مدخل جامعة الجنان في أبي سمراء، الذعر في نفوس الطلبة وهم متوجّهون إليها لتقديم الإمتحانات. عشرات الأبقار في ذلك الوقت، منعت سير السيارات وأخافت الطلاب والطالبات وأحدثت زحمة سير خانقة أمام مبنى الجامعة. وارتفعت أصوات المواطنين والأهالي، مطالبة البلدية في طرابلس بضرورة إيجاد حل لهذه الظاهرة غير الحضارية وغير اللائقة، والمقلقة أيضاً، التي تنتشر في شوارع طرابلس بشكل يومي.
وفي هذا السياق، يأسف مواطن طرابلسي «أن تكون طرابلس مستباحة بظاهرة الأبقار الشاردة في شوارعها نهاراً، وظاهرة الكلاب الشاردة في الليل وفي ساعات الصباح الأولى، وبين هذه وتلك، موجات السرقة والسطو… لا يعرف أهل طرابلس من أين ومن أين يجدونها»!
يُذكر أن بلدية طرابلس، وفي معرض سعيها لمكافحة الأبقار الشاردة، نفّذت أكثر من مرة حملات لملاحقة هذه الظاهرة والقضاء عليها، منها حملة قبل سنتين عندما عملت شرطة البلدية على ختم الأبقار الشاردة بختم البلدية، واعتبار ذلك بمثابة إنذار أخير لأصحاب هذه الأبقار بضرورة إبعادها عن الشوارع، وإذا ما وجدت في الشوارع العامة مرة أخرى؛ وكان عليها الختم البلدي، فستتم مصادرتها وذبحها فوراً وتوزيع لحومها على الأيتام والمحتاجين في المدينة». ومن مساوئ هذه الظاهرة أيضاً، أن الأبقار تأكل من النفايات المنتشرة على الطرقات بشكل عشوائي، وتبعثر أكياسها في كل مكان، ما يتسبب بمشاكل صحية وبيئية.
ويبدو أن أصحاب هذه الأبقار ورعيانها غير آبهين بالبلدية وإجراءاتها، وقد جعلوا من الطرقات العامة والساحات الطرابلسية مرتعاً للأبقار ومسرحاً لها، ما يتطلب من البلدية أن تقوم بحملة سريعة تستجيب من خلالها لمطالب الأهالي في منع تجوال الأبقار على الطرقات العامة، إذ يكفي المدينة ما فيها من مشاكل ومخاطر لتأتي الأبقار فتزيد طين المدينة بلة.