كتب د. ميشال الشماعي في “نداء الوطن”:
العصف الانتخابي يتزامن في هذه الأيّام مع العصف المناخي، لكن دائرة الزهراني – صور قد تفاجئ الناخبين أنفسهم لكن هذه المفاجأة هي رهن بخياراتهم. إن نجحت أحزاب السلطة في هذه الدائرة بالخروج في لائحة واحدة فستتكرّر تجربة العام 2018 لتثبت من جديد بأنّها دائرة فولاذيّة لا يمكن كسرها. أمّا إن نجحت قوى التغيير والمعارضة لهذه السلطة بتوحيد صفوفها فقد تتمكّن من كسر هذه الدّائرة الفولاذيّة. وهذه الدائرة، هي معقل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي اختار منطقة وسطية فيها في المصيلح مقراً لسكنه. وتتمثّل هذه الدائرة بـسبعة نوّاب: أربعة شيعة في صور، وثلاثة في الزهراني: 2 شيعة و1 كاثوليك.
وفيما توزّع المرشّحون في انتخابات العام 2018 على لائحتين:
– «الأمل والوفاء» برئاسة الرئيس بري، وهي مكتملة من (7 مرشّحين).
– «معاً نحو التغيير» برئاسة رئيس «شركة الجنوب للإعمار» المهندس رياض الأسعد وبتحالف مع «الحزب الشيوعي اللبناني»، «اليسار»، الحراك المدني ومستقلون، وهي غير مكتملة من (6 مرشّحين)
لم تظهر بعد بوادر أيّ لائحة لتنافس لائحة الرئيس برّي الذي على ما يبدو بأنّه قد حسم الأمر بشكل نهائيّ في عرينه الانتخابي. وفي حديث لـ»نداء الوطن» مع مصادر مسؤولة في حركة أمل لفتت إلى أنّ ترشيح دولة الرئيس نبيه بري محسوم في هذه الدائرة؛ إضافة إلى مرشّح شيعي من العائلات، فترشيح علي بيك عسيران قد يكون واردا، مع الإبقاء على المرشّح الكاثوليكي نفسه أي الدكتور ميشال موسى في الدائرة عينها. ولفتت المصادر إلى أنّ المعطيات الانتخابية في هذه الدائرة هي نفسها لن تتبدّل، أي أن لا مرشّح شيعيًّاً لـ»حزب الله» في الزهراني. ما يعني عمليًّاً أنّ المرشّحين الأربعة الشيعة في قضاء صور سيتوزّعون مناصفة بين الحزب والحركة لكن الأسماء في صور ما زالت غير محسومة حتّى اللحظة. أمّا التحالفات فهي غير مغلقة لكنّها قيد البحث. ولا تنازل عن المقعد الكاثوليكي في هذه الدائرة لأي فاعلية من فاعليات المنطقة، فبالنسبة إلى حركة أمل هذا المقعد يجسّد رؤيتها في العيش المشترك في المنطقة خاصّة وفي لبنان عامّة.
أمّا منسّق القوات اللبنانية في منطقة صيدا الزهراني الأستاذ عماد روكز فلفت إلى أنّ القوّات ما زالت بصدد البحث عن الخيار المناسب في هذه الدائرة، إذ تسعى لأن يعكس خيارها إرادة الناس الأحرار فيها لتمثيلهم على أفضل ما يرام، إن كان بمرشّح قوّاتي صرف، أم أي شخصية مدعومة من القوات تجسّد الخطّ التاريخي للمقاومة اللبنانية.
المكلّف بالعلاقات السياسية لهيئة «صيدا الزهراني جزين» في الحزب الشيوعي اللبناني الأستاذ علي متيرك قال: »إنّ الشيوعي يخوض معركة الإنتخابات النيابية على قاعدة إستكمال المواجهة ضد المنظومة السلطوية الحاكمة ونظامها، برغم مساوئ القانون الإنتخابي، تحت سقف شعارات 17 تشرين المطلبية والسياسية والإجتماعية. أما مسألة خرق لوائح السلطة فهو رهن تكاتف القوى المتضرِّرة واختيار المرشحين القادرين على الإحاطة الفعلية بسقف المعركة السياسية، ودعوتهم إلى اختيار مرشحيهم على أساس البرنامج الوطني الإقتصادي الإجتماعي».
وفي اتّصال مع الأستاذ خليل ريحان العضو القيادي في «نبض الجنوب» الذي تألّف من يساريّين من خارج الأحزاب اليساريّة ومن مستقلين وشخصيّات يساريّة وغير يساريّة وبعض الشخصيّات التي كانت تنتمي إلى أحزاب وتركت أحزابها، لفت إلى أنّهم يسعون اليوم لتكوين لوائح بوجه لوائح السلطة في كلّ الجنوب. وهم في اتّصالات مع الأحزاب والشخصيّات الجنوبيّة المختلفة التي تريد بناء الدولة المدنيّة والديمقراطية والعادلة، لكن حتّى الساعة لم يتبلور أيّ شيء. فهنالك مشاريع ترشيح في دوائر الجنوب كافّة أي ثلاثة مرشّحين. وأكّد أنّ الحلّ الأمثل والأفضل يكون بتشكيل لوائح موحّدة تضمّ العديد من القوى لإثبات وجودها كقوى حيّة تسعى إلى التغيير. لكن حتّى الساعة لم تتبلور الصورة المعارِضَة بشكل واضح في دائرة الزهراني – صور، فالاتّصالات ما زالت تدور مع الأفرقاء كافّة لا سيّما الذين لا يدورون في فلك دولة الرئيس برّي الذي يمثّل السلطة ومنظومتها الحاكمة للتوصّل إلى لائحة تجسّد تطلّعات الناس السياسيّة والاجتماعيّة، لا سيّما الانمائيّة والزراعيّة في هذه الدّائرة لما تمثّله من عمق حيويٍّ زراعيٍّ لأهلها وللبنان بشكل عام. خلاصة البحث تكمن في أنّ ما تمّ حسمه في هذه الدائرة هو ترشيح دولة الرئيس برّي بلائحة مكتملة الأعضاء أي سبعة مرشّحين، وفوز الرئيس برّي مؤكّد حتّى الساعة. حيث تبحث القوى التغييريّة على تسجيل خرق في أحد المقاعد الشيعية في قضاء صور مع عدم حذف احتمال تسجيل أيّ خرق للمقعد الشيعي الثاني في الزهراني.
فهذه الدائرة هي من أصعب الدوائر الانتخابيّة لتحقّق فيها قوى المعارضة أيّ خرق، وما يؤثّر سلباً هو الانفصال المسيحي الذي يبعد إمكانيّة الحاصل لأي لائحة معارضة. ولكن في ما لو اجتمع المسيحيّون مع الأصوات المسلمة المعارضة والتي لا يملك أحد حتّى اليوم القدرة على احتسابها قد تحقّق عندها أي لائحة معارضة حاصلاً انتخابيّاً شيعيّاً ومسيحيّاً. لكن حتّى الساعة هذا مستبعد ويتحمّل مسؤوليّته مَن يصرّ على شقّ الصفّ المسيحيّ تحت حجج محاصصاتيّة وانتخابيّة باتت مكشوفة لدى الجميع. والتاريخ لن يرحم هؤلاء الذين يضيّعون المزيد من الفرص ظنّاً منهم بأنّهم يسترجعون بعض الحقوق التي لم يعودوا أهلاً لتمثيلها.