كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يبدو أن التحالفات الكبرى ستغيب عن المشهد الإنتخابي هذه الدورة لأن إنتفاضة 17 تشرين مزّقت كل التفاهمات التي نُسجت قبلها.
كلما اقترب موعد الإنتخابات النيابية كلما بات أصعب على بعض القوى التلاقي، وتشهد الإنتخابات المقبلة خلطة كبيرة في التحالفات، إذ إنها مبنية على عنوان إصلاحي وسيادي وسياسي في الوقت نفسه. وعلى رغم غياب التحالفات الكبرى إلا أنّ التفاهم يُصاغ بين «القوات» والحزب «التقدمي الإشتراكي» في دائرتَي جبل لبنان الجنوبي، أي بعبدا والشوف – عاليه، لكنه لم يكتمل بعد والخوف من أن تدخل الشياطين في التفاصيل وتخربط كل شيء.
لا شكّ أن هذا التفاهم سيعطي مكاسب إنتخابية للفريقين، وتنطلق «القوات» من حجم ثابت في الجبل الجنوبي، وهي باستطاعتها إيصال مرشحين في الشوف – عاليه ومرشح في بعبدا بلا تحالفات. ومن جهته، فإن رياح «المجتمع المدني» قد لفحت الجبل، لكن من غير المعروف كيف ستؤثّر على شعبية رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، لذلك يفضّل التحالف مع «القوات» لضمان عدم تسجيل أي خرق في مقاعده السابقة. ومما لا شكّ فيه، أن «الإشتراكي» بحاجة إلى حليف مسيحي قوي في الجبل، وهو لم يكن متحمساً للتحالف مع «التيار الوطني الحرّ» لأنه يعلم جيداً أن القواعد الإشتراكية لا تحبّذ مثل هكذا حلف، كما أن التصويب على جنبلاط يصبح أسهل من بوابة إستهداف لوائح السلطة وسط نقمة عارمة من أهل الجبل وكل لبنان على سلوك العهد، إضافةً إلى أن التحالف مع اللوائح العونية سيزيد الغضب السعودي والخليجي على جنبلاط.
إذاً، لا تلعب العوامل الإنتخابية والمصلحية فقط دورها في تحالف «القوات» و»الإشتراكي»، بل إن العنوان السياسي العريض هو أحد أهم عناوين تلك المعركة، فبعد حادثة الطيونة وغزوة عين الرمانة، رأت «القوات» نفسها بلا حلفاء سياسيين أقوياء، وحاول «حزب الله» عزلها والإنقضاض عليها، لذلك فإنها بحاجة إلى سند من بقية الطوائف لكي تواجه «الحزب». وإذا نجح التحالف «القواتي» مع جنبلاط فإنه يأتي بعد القرار الكبير الذي سيعلنه الرئيس سعد الحريري بخصوص مستقبله السياسي، ولا يستطيع الزعيم الدرزي إبقاء نفسه معلقاً في حبال الهواء، بينما يطرح جدياً وعلى بساط البحث مستقبل نجله تيمور.
فاز تحالف «القوات» و»الإشتراكي» و»المستقبل» في الإنتخابات الأخيرة في الشوف وعاليه بتسعة مقاعد من أصل 13 مقعداً، وحصد تحالف «القوات» و»الإشتراكي» في بعبدا مقعدين من أصل ستة مقاعد، لكن الأنظار تتجه حالياً إلى الموقف الذي سيتخذه الحريري.
وبانتظار القرار النهائي للحريري، فإن تيار «المستقبل» يملك قاعدة كبيرة في إقليم الخروب وهناك نائبان من الطائفة السنية وسط تمدّد وزحف للديموغرافيا السنية في الشوف، وهذا الأمر يقلق جنبلاط، لكن يبقى الأساس ما سيفعله الحريري، فالوجود الجنبلاطي في إقليم الخروب مترسخ ولديه نائب هو بلال عبدالله، لكن من دون «المستقبل» فإن الضياع سيسيطر على القواعد السنية والمستقبلية، وبالتالي فإن تسجيل مزيد من الخروق في لائحة جنبلاط يصبح أسهل. من هنا سارع جنبلاط إلى محاولة ثني الحريري عن قرار الإعتكاف مع أن حظوظ نجاح مساعيه باتت متدنية.