كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
كان متوقعاً ان تنفرج على صعيد أسعار السلع، وان تنخفض اللحوم والخضار والمواد الغذائية، ولكن مرّ أكثر من أسبوع على انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ولم يخفّض أحد من اصحاب الدكاكين ومحال الخضار وحتى المتاجر الكبيرة أسعاره، بذريعة «إشترينا عالغالي»، ناهيك عن التفاوت الكبير في اسعار السلع بين محل وآخر. فكل دكان «فاتح ع حسابو» طالما الرقابة غائبة، إذ يحاول «الدكنجية» الإستفادة قدر المستطاع من الأزمة لتحقيق الارباح، فيضع كل واحد منهم تسعيرة تناسب ارباحه، ضاربين بعرض الحائط انخفاض سعر صرف الدولار. واللافت أن سعر السلعة يزيد 4 و5 آلاف بين دكان وآخر، ويبرر علي، صاحب أحد الدكاكين في منطقة تول، الامر بـ»أن البضاعة تختلف، وهناك بضاعة غير أصلية في السوق» رغم يقينه بأنها نفسها، ويرفع الاسعار ما إن يرتفع الدولار، ويرفض خفضها مع انخفاضه، طالما ان مراقبي وزارة الاقتصاد غائبون عن الساحة.
الأسعار لن تنخفض
ليس علي وحده الذي يرفض خفض الاسعار، ايضاً ام محمد صاحبة دكان في منطقة النبطية، رفعت اسعار السلع كافة بدلاً من خفضها، «لأنني اشتريتها حين كان الدولار بـ٣٣ الف، وبالتالي لن أخفض اقله في المدى المنظور»، وتضيف «التجار ما زالوا يسلموننا البضاعة بسعر مرتفع، وأفكر بوضع تسعيرة بالدولار، هكذا اريح نفسي من عبء خفض الدولار وارتفاعه».
دولرة الأسعار
عادة ما يضيف «الدكنجية» كلفة فاتورة الاشتراك والكهرباء المقطوعة نهائياً عن المنطقة، وايضا الانترنت على اي سلعة ما يعني مضاعفة السعر أكثر. يحاولون الهروب الى الامام، يفكرون جدياً بدولرة أسعار بضائعهم، مستندين الى قاعدة «البلد خربان» ويمكن الاستفادة من هريانه الاقتصادي وترهل أجهزته الرقابية، اذ تشير اوساط اقتصادية مراقبة الى ان منطقة النبطية من أغلى المناطق في لبنان، فكل تاجر ودكنجي «فاتح على حسابو»، اذ تبلغ الفروقات بين دكاكين النبطية وأخرى في صيدا حوالى الـ50 بالمئة، وهذا ينعكس على فقراء المنطقة وسكانها، ممن باتوا عاجزين عن ارتياد الدكاكين والسوبرماركات، فوجدوا انفسهم خارج دائرة القدرة على شراء حتى لوح شوكولا، اذ يسجل الفارق بسعر شوكولا «ميلكا» بين دكان وآخر 6 الاف ليرة، فالبعض يبيعه بـ17 الفاً والبعض الآخر بـ23 الف ليرة، وهذا غيض من فيض الاسعار».
يأسف ابو سهيل لتحوّل «الدكنجية» الى مصاصي جيوب الناس، «اذ بدلاً من ان يكونوا قربهم تحوّلوا شفاطة للجيوب».
غياب الرقابة
لم تشهد منطقة النبطية اي جولات رقابية لمراقبي وزارة الاقتصاد، وهذا يفسّر عدم انخفاض الاسعار، وإن انخفض بعضها فالخفض لا يتجاوز الـ2 بالمئة فقط وهو ما ادى الى قصم ظهر المواطن الذي يستعدّ حالياً لرزمة جديدة من الضرائب والغلاء والفواتير الفاحشة. ولا يخفي المواطن حسن «ان الناس تعبت من الغلاء، لكن المؤسف ان احدا لم يعترض او يقاطع او ينتفض وكأننا بتنا شعباً بلا قيمة ولا كرامة، لاننا تركنا التجار والزعماء والفاسدين يتحكمون فينا، فبدلاً من ان ننتهج سياسة المقاطعة بدءا من طوابير الذل على محطات المحروقات وصولاً الى غلاء المواد الاساسية، للأسف قدمنا جيوبنا قرابين للزعماء لمزيد من الاحتكار و»الدكنجي» نموذجاً».
يجسّد «الدكنجي» صورة مصغرة عن التلاعب المفرط بالاسعار والفساد غير المبرر، ولان الاسعار «فلتانة»، الدكنجية ايضا «فاتحين ع حسابن»، فهل تتحرك وزارة الاقتصاد وتضبط الاسعار، ام يبقى كل «دكنجي» يسعّر كما يحلو له؟