كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
يوم قصد المخرج ( والسيناريست) أحمد يحيى الفنان فريد شوقي عارضاً عليه ملخص فيلم “لا تبكي (تبكِ) يا حبيب العمر” وافق من دون تردد لا بل دفع إليه بمبلغ كبير من الجنيهات كعربون تبنّيه للعمل، وودع شوقي وزوجته المخرج والدموع في مآقيهما.
تحكي أحداث الفيلم المصري عن طالب الطب أحمد شوقي (نور الشريف) العازم فور تخرجه على الزواج من ميرفت (ميرفت أمين)، ويكتشف الوالد الدكتور شوقي أن ابنه مصاب بورم في المخ، ما استدعى إجراء جراحة دقيقة تولّاها الأب بالذات. مات الإبن تحت مبضع الوالد. إنهار د. شوقي وأدمن الخمر والقمار لنسيان مصيبته…ألخ.
استمر عرض “لا تبكِ يا حبيب العمر” في الصالات اللبنانية لنحو أربعة أشهر، وأكثر من تلك المدة في مصر، وكان باعة المناديل في القاهرة يجتمعون قرب دور السينما التي تعرض الفيلم لكفكفة الدموع الغزيرة، أبكى العالم العربي حتى أن الرئيس انور السادات بكى وهو يشاهد الفيلم في صالة عرض داخل فيلّته وقال لشوقي في ما بعد”ابكيتني يا فريد بس الفيلم حلو قوي قوي”.
رأى النقّاد أن فيلم “لا تبكِ يا حبيب العمر” ( 1979) من أعظم الافلام التي قدمها وحش الشاشة العربية في خلال مسيرته التي امتدت لنحو ستة عقود. ويُستذكر شوقي اليوم بعدما لمسنا في أداء وحش السياسة اللبنانية الحاج محمد رعد الرومنسي مشروع نجم لا يقل شأناً عن ملك التارسو ويستحق أداؤه المفعم بالرقة ان يُدرّس، في “أكتورز ستوديو”، لكن دموع الحاج المترقرقة، بخلاف دموع فريد شوقي، لم تستدر دموع المشاهدين، ولا نشّطت مبيعات المحارم الورقية في كسروان والمتن والشمال، بل قوبلت باستهجان منقطع النظير وباستهزاء على مواقع التواصل الإجتماعي.
لا شك أن بكاء الرجل، أي رجل، أشد وقعاً على المشاهد من بكاء المرأة. فكيف إذا كان الرجل من طينة الجبابرة؟ بكى محمد رعد على أطفال المملكة الحوثية، ضحايا حرب شارك خبراؤه في تسعيرها لا في إطفائها. بكى بعدما سخر حزبه طوال 16 عاماً من دموع فؤاد السنيورة على ضحايا حرب تموز.
بكى رعد على ضحايا أبرياء في اليمن، ولم تنزل من عينيه دمعة حرّى على أطفال كانوا ضحايا هجمات بشار الأسد الكيماوية. ولم يبدر منه ما يشي بحزنه على ملائكة سقطوا بانفجار مرفأ بيروت، ولا عنت له شيئاً دموع سلمى مرشاق، ولا تألم ليتم طفلي جو بجاني، ولا…ولا…
وأمس أيضاً، أدمعت عينا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وهو يختم كلامه الوجداني بقول لوالده الشهيد. خنقت صوته العبرات. فهل تابع محمد رعد كلمة الحريري على التلفاز؟ وما كان شعوره تجاه دمعة الإبن على أبيه؟