كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
إستحضار بعض “كادرات” تيار “المستقبل” وبعض النواب وبعض “الزملاء” المنتمين وجدانياً ووظيفياً إلى “التيار” الأزرق، لسمير جعجع، كمسبب لتعليق الشيخ سعد الحريري عمله السياسي في لبنان، يؤخذ كـ”فشة خلق” نتيجة الفتور بين القطبين، على الرغم من التواصل الدائم بين نواب الحليفين السابقين ومستشاريهما.
وإن صحت المقولة المتداولة، إن لجعجع دوراً في إفساد العلاقة “المميزة” بين ولي العهد السُعودي محمد بن سلمان وسعد الحريري، أو في تعميق الهوّة بين “ابن السعودية” البار وقيادة المملكة، أو في تأليبها عليه العام 2017، فكان على الرئيس الحريري أن يأخذ قرار تعليق نشاطه قبل خمسة أعوام، أو في تموز الفائت عندما سُدّت الأبواب في وجهه.
في سياق الإعتزال الغامض ومسبباته، نقل الزميل نقولا ناصيف في مقال له (25 كانون الثاني) بعض ما أسرّ به الحريري إلى مقرّبين وفيه أنه “لم يقتصر الطلب منه على الاعتزال فحسب، بل دعوة تياره الى الاقتراع للوائح التي يتقدم بها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع واللواء أشرف ريفي ونائب بيروت فؤاد مخزومي وبهاء الحريري. المهم في الجواب الذي أفضى به الحريري الى محدثيه، انه لن يستجيب لهذا الطلب مهما كلّفه الأمر”، وكان حريّاً برافض الفرض أن يخوض الإنتخابات بحسب العناوين التي تجنّب لبنان الحرب الأهلية، وحتى لو واجه جعجع كما حصل قبل أربعة أعوام في قضاءي البترون والكورة، وفي جزين والزهراني وفي قضاء زحلة. إنها الديمقراطية أليس كذلك؟
وإن صحّ الزعم أن جعجع يحاول الفصل بين “التيّار” وزعيمه بحسب تغريدة سابقة لسعادة الأمين العام الحريري أحمد، (ومن يعد إلى مقابلة جعجع مع سكاي نيوز لن يجد مثل هذا الكلام)، فهذا يعني أن جعجع يفتقد إلى أدنى مقومات المعرفة بتركيبة المجتمع اللبناني وطوائفه وأهمية وجود الزعيم في وجدانه وعقله.
وإن صح التسويق أن التصدي السياسي، وبكل حزم وثبات، من جانب جعجع وسواه من السياديين، لهيمنة “حزب الله” وتسلّطه على القرار اللبناني وتحكّمه بالحكم والحكومة، قد يسبب حرباً أهلية، فهذا يعني أن على ثلثي الشعب المسالم الرضوخ للثلث المدجج بالعقيدة والسلاح، بانتظار أعجوبة ما. واقع الأمر أن لا مواجهة سياسة “الحزب المهيمن” تسبب حرباً أو معركة أو ربع اشتباك ما لم يقرر “حزب الله” خوضها، وسبق أن فعل، ولا السير في خطّه السياسي ينتج سلاماً واستقراراً وسيادة واستقلالاً.
يُفهم أن يستحضر جبران باسيل، بخبث موصوف، سمير جعجع وماضيه وأحقاده عليه، إرضاء لخصومه وشدّاً لعصب متطرّفيه، لكن أن يستحضر العقلاء في “المستقبل” ما يثير الغرائز الطائفية ويعزز الأحقاد في الشارعين المناهضين للنفوذ الإيراني، فذلك يدعو إلى الأسف.