كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
يستعد لبنان يوم الإثنين المقبل لاستقبال أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول رئيس الأساقفة ريتشارد بول غالاغر في زيارة رسميّة «إستكشافيّة» تشمل لقاءات مع السلطات السياسيّة والدينية وتستمر حتى 4 شباط، وهي زيارة أراد من خلالها البابا فرنسيس التعبير عن قلقه وقربه من الشعب اللبناني والكنيسة اللبنانية في هذه المرحلة الصعبة.
الموقع الرسمي لحاضرة الفاتيكان أشار إلى أنّ الزيارة تأتي في ظلّ الأزمة الإجتماعية والسياسية والاقتصادية الخطيرة التي يمر بها بلد الأرز، في حين أشارت مصادر لـ»نداء الوطن» إلى أنّ المطران غالاغر سيتابع خلال زيارته تنفيذ المقررات التي أعقبت لقاء الحبر الأعظم ورؤساء الكنائس في الأول من تموز الماضي في حاضرة الفاتيكان، والإطلاع عن كثب على إستجابة الإرساليات والمؤسسات التربوية والإستشفائية للمواطنين في هذه الظروف الإستثنائية والصعبة التي يمر بها لبنان، إلى جانب تكوين بعض الأفكار أو ملف من الأفكار يحملها بنفسه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول، من أجل تفعيل المبادرات الدوليّة المرتبطة بالملف اللبناني من خلال الدبلوماسيّة الناعمة التي تنشط بها الكرسي الرسولي في كافة المحافل الدولية بما يساهم أكثر في المساعدة على تحقيق الإستقرار وتأمين السلام والحياة الكريمة لجميع اللبنانيين.
وتتضمن زيارة غالاغر، إفتتاح مؤتمر أكاديمي من تنظيم جامعة الروح القدس في الكسليك بالتعاون مع سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي الدكتور فريد الخازن، حول «البابا يوحنّا بولس الثاني ولبنان الرسالة»، ويستمر المؤتمر يومي الأربعاء والخميس، يناقش خلالهما عدد من الشخصيات الكنسيّة والأكاديمية دور لبنان والرسالة التي خصه بها البابا يوحنا بولس الثاني، والمسار التاريخي لقيام الدولة اللبنانية، والعلاقات المسيحيّة – الإسلامية في الحالة اللبنانية، إضافة إلى العيش المشترك والدولة والمجتمع والتربية والثقافة والحريات في لبنان، ليكون المحور الأخير من المؤتمر حول إعلان أبوظبي ورسالة لبنان، على أن يَخلص المجتمعون إلى إصدار توصيات في نهاية المؤتمر.
وتصادف هذا العام الذكرى السنوية 75 للعلاقات الدبلوماسية بين الكرسي الرسولي ولبنان والذكرى 25 لزيارة القديس يوحنا بولس الثاني الرسوليّة إلى لبنان في 10 أيار عام 1997 بمناسبة توقيع الإرشاد الرسولي لما بعد السينودس «رجاء جديد للبنان» ثمرة السينودس الذي عقد في روما عام 1995.
وتأتي الزيارة أيضاً بعد 10 سنوات على الزيارة الرسولية للبابا بنديكتوس السادس عشر الذي وقَّع في بيروت الإرشاد الرسولي لما بعد السينودس «الكنيسة في الشرق الأوسط»، عقب سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط الذي عُقد عام 2010.
وسيلتقي المطران غالاغر المسؤولين الرسميين، البطاركة والأساقفة الكاثوليك والأرثوذكس، بالإضافة إلى القادة الدينيين المسلمين والدروز وشخصيات من عالم الثقافة والسياسة. كما سيزور بعض الأماكن والجماعات المهمة. أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول الذي سيحمل محبّة البابا وقربه إلى جميع اللبنانيين، سيؤكد مجدداً أنَّ البابا فرنسيس لم يتوقّف أبدًا عن توجيه فكره إلى هذه الأرض التي خصها في كلمته خلال لقاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي في 10 كانون الثاني، مجدداً صلاته من أجل «الشعب اللبناني العزيز، الواقع في أزمة اقتصادية وسياسية، وهو يسعى جاهدًا لوجود حلّ لها، قال حينها: «أريد اليوم أن أجدّد تأكيد قربي منه وصلاتي من أجله، وأتمنى أن تساعد الإصلاحات اللازمة ودعم المجتمع الدولي لكي يبقى هذا البلد ثابتاً في هويته وبقائه نموذجاً للعيش السلمي معاً والأخوّة بين مختلف الأديان فيه».
وفي 25 من تشرين الثاني الماضي، أكّد البابا فرنسيس في استقباله رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في الفاتيكان أن لبنان هو «رسالة وهو أيضا وعد علينا أن نناضل من أجله» وأضاف هذه الصلاة: «ليأخذ الرب لبنان بيده قائلاً له: قم وانهض!».
وفي الرابع من آب عام 2021، وفي ختام المقابلة العامة، إذ ذكّر بذكرى الانفجار الرهيب الذي حدث في مرفأ بيروت، أطلق البابا فرنسيس نداءً جديداً للمجتمع الدولي، طالباً فيه أن تتم «مساعدة لبنان لكي يقوم بمسيرة «قيامة» من خلال تصرفات ملموسة. ليس بالكلمات وحسب وإنما من خلال تصرفات ملموسة».
وفي يوم الصلاة والتأمّل من أجل لبنان الذي عُقد في الفاتيكان في الأول من تموز عام 2021 أعاد البابا فرنسيس التأكيد بقوّة وقال: «كَفَى أن يَبحَثَ عَدَدٌ قَليلٌ مِنَ الناسِ عَنْ مَنفَعَةٍ أنانِيَّة علَى حِسابِ الكَثيرين! كَفَى أن تُسَيْطِرَ أَنصافُ الحَقائِقِ علَى آمالِ الناس!». كَفَى اسْتِخدامُ لبنانَ والشَّرقِ الأوْسَط لِمَصالِحَ وَمَكاسِبَ خارجِيَّة! يَجِبُ إعْطاءُ اللبنانِيِّينَ الفُرصَةَ لِيَكُونوا بُناةَ مُسْتَقبَلٍ أفضَل، علَى أرضِهِم وَبِدونِ تَدَخُّلاتٍ لا تَجُوز».
وخلص إلى القول: «أيُّها الإخوة والأخوات، لتخْتفِ ليْلة الصِّراعات ولْيشْرِق مِن جديد فجر الأَمل. لِتتوقَّف العَداوات، وَلْتَغْرُبْ النِزاعات، فَيَعُودَ لبنانُ إشعاعًا لِنورِ السَّلام».