كتب عمر البردان في “اللواء”:
إذا كان الرد اللبناني على المقترحات الخليجية، لم يقنع دول مجلس التعاون، بالنظر إلى افتقاده الأجوبة الواضحة والحاسمة، عن التساؤلات التي وردت في طيات هذه المقترحات، فإن علامات استفهام عديدة بدأت تطرح عن مستقبل العلاقة بين لبنان والدول الخليجية، وما يمكن أن يترتب على الغموض الذي اكتنف الرد اللبناني. إذ أنه ووفقاً لمعلومات «اللواء»، فإنه لم يكن هناك رضى خليجي عما تسلمته الكويت من أجوبة لبنانية، استناداً إلى ما تم الكشف عنه في أروقة اجتماع وزراء الخارجية العرب، أمس الأول . وبالتالي فإن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الأربع، يعملون منذ الأحد الماضي، على دراسة مضمون الرد اللبناني على مقترحاتهم، كي يتخذوا الموقف المناسب منها، وسط ترجيحات بتصعيد جديد ضد لبنان الرسمي، نتيجة إصرار قيادته على تعميق الهوة مع الدول الخليجية، وعدم الالتزام بتعهداتها .
وتشير المعلومات، إلى أن الدول الخليجية تأخذ على الحكومة اللبنانية، عدم قدرتها أو بالأحرى رفضها الخروج من عباءة حزب الله، وبالتالي العمل قدر المستطاع على شراء الوقت وتدوير الزوايا، وهو أسلوب ما عاد يعطي نتيجة، حيث كان رفض حازم لعدم الموافقة على تشكيل أي لجنة مشتركة لبنانية خليجية، تبحث في قضية سلاح «حزب الله» الذي ما زال قادته يهاجمون المملكة العربية السعودية وقيادتها، ودول الخليج، وهو الأمر الذي أطاح بخصوصية العلاقة بين دول «التعاون» ولبنان، وأوصلها إلى الحضيض .
وسط هذه الأجواء الضبابية، وفيما تسود حالة من الترقب لمرحلة ما بعد ابتعاد رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري عن المسرح السياسي، وفي الوقت الذي تستقطب دار الفتوى الاهتمام الداخلي في إطار ترتيب «البيت السني»، فإن أسئلة تطرح عن طبيعة التحرك الذي يقوم به رجل الأعمال بهاء الحريري، بعد إعلانه دخول المعترك السياسي، لاستكمال مسيرة والده الشهيد . وما إذا كان الرجل، يحظى بدعم دار الفتوى أو نادي رؤساء الحكومة السابقين، لمتابعة نهج «الحريرية السياسية»؟ . واستناداً إلى معلومات «اللواء»، فإن بهاء لا يحظى بدعم دار الفتوى، وكذلك الأمر لا يتمتع بتغطية خليجية حتى الآن، وتحديداً سعودية. وإن كان هناك من يقول أن أي قبول سني بالحريري البكر، لن يكون دون وجود موقف سعودي خليجي واضح بدعمه .
وإذ أكدت مصادر روحية بارزة قريبة من دار الفتوى»، أن «الطائفة السنية ستبقى متماسكة وموحدة مهما تعرضت لشتى الضغوطات، وستبقى ركيزة من ركائز العمل الوطني في لبنان، والتي يحسب لها ألف حساب»، فإنها رفضت التعليق على سؤال حول ما إذا كانت دار الفتوى تدعم بهاء الحريري، مكتفية بالقول : «لا جواب» .
وكشفت المصادر، أن مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، سيواصل لقاءاته ومشاوراته هذا الأسبوع، للبحث في تطورات مرحلة ما بعد قرار الرئيس سعد الحريري، والعمل من أجل بلورة موقف سني روحي وسياسي، إزاء الاستحقاقات الوطنية التي ينتظرها لبنان»، مشددة على أنه تم التوافق من خلال الاجتماعات التي عقدت في الأيام الماضية، وتحديداً بين المفتي دريان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وليس بعيداً من التنسيق مع رؤساء الحكومات السابقين، على أن لا تكون هناك مقاطعة سنية للانتخابات النيابية المقبلة، بالرغم من تعليق رئيس «تيار المستقبل» لنشاطه السياسي، وقراره عدم المشاركة بالاستحقاق النيابي، انطلاقاً من الدور الوطني المحوري للسنة في لبنان، كرمز للاعتدال، وهو ما كان الحريري ووالده الشهيد، يحرصان على التمسك به.
وأشارت المعلومات، إلى أن المشاركة السنية في الحياة السياسية بكافة جوانبها ستبقى مستمرة، في إطار الحرص على التوازنات الداخلية، ومنعاً لمحاولة أي طرف التسلل إلى داخل الطائفة والعمل على مصادرة قرارها . وهذا أمر تحرص القيادات السنية الروحية والسياسية على التنبه له، وتعمل بكافة الوسائل لمواجهته والتصدي لكل محاولات اختراق الطائفة، دون استبعاد عقد لقاء جامع لأركانها في دار الفتوى، لاتخاذ الموقف المناسب من التطورات والاستحقاقات .