على مقياس تقطيع أوصال المناطق وشلّ حركة الناس وتحويل قطاع النقل البري إلى قطاع “قطّاع للطرق”… نجح إضراب بسام طليس في تحقيق أهدافه الميدانية وفي إيصال رسائله السياسية، أما المطالب المطلبية فبقيت في “المقاعد الخلفية” من معاناة السائقين العموميين، أسيرة “لعبة” التناحر بين جبهتي عين التينة وقصر بعبدا، تماماً كما أصبحت حقوق عموم المواطنين وأموال المودعين رهينة “لعبة” التراشق بين الجبهتين في قضية التدقيق الجنائي، والتي أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أمس أنها دخلت “مرحلتها الأخيرة” في معرض تصويبه على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة و”الجهات المعروفة التي لا تريد التحقيق” المالي، في إشارة مبطنة إلى تحميل رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزارة المالية مسؤولية التواطؤ مع سلامة في عرقلة التدقيق الجنائي.
وبينما لعبة “شدّ الحبال” على أشدّها بين أركان الحكم، والعهد منهمك في أيامه الأخيرة في عملية تحصين مواقع تياره وتعزيزها في مفاصل السلطة بمختلف أوجهها المالية والإدارية والقضائية تعويضاً عن خسائره النيابية المرتقبة، توقف المراقبون أمس عند دخول موسكو على خط المبادرة الخليجية تجاه لبنان من خلال إعلان الخارجية الروسية عن مكالمة هاتفية جرت بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية مخائيل بوغدانوف، والنائب الأول لوزير الخارجية الكويتي مجدي الظفيري، وتداولا خلالها في المبادرة ونتائج الاجتماع التشاوري لجامعة الدول العربية في الكويت، بحيث كشفت المعلومات عن أنّه في ظل استشعار عدم الرضى السعودي والخليجي عموماً عن مضمون الرد اللبناني الرسمي على بنود المبادرة الخليجية، أتى التواصل الروسي – الكويتي في سياق محاولة “تلطيف الجو” تجاه لبنان والسعي لتخفيف الضغط عنه في أزمته الراهنة.
وإذ عبّر بوغدانوف عن دعم الجانب الروسي للجهود الكويتية لإعادة تطبيع العلاقات الخليجية مع لبنان، نقلت مصادر ديبلوماسية في موسكو أنّ نائب وزير الخارجية الكويتي شرح له في المقابل طبيعة المبادرة الخليجية وأهدافها كما وضعه في أجواء تسلم الرد اللبناني من وزير الخارجية عبد الله بو حبيب على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، كاشفةً لـ”نداء الوطن”، عن أن وجهة النظر الروسية التي عبّر عنها بوغدانوف لنظيره الكويتي تقول إنّ “لبنان يمر بوضع اقتصادي صعب ولا يتحمّل المزيد من الضغوطات العربية في أزمته الراهنة، مع التشديد في الوقت نفسه على أنّ الساحة اللبنانية لا تتحمل أيضاً المزيد من الضغوطات الايرانية، والأولى بجميع الأطراف في هذه المرحلة البحث عن السبل الآيلة إلى إنقاذ الشعب اللبناني ومساعدته للخروج من محنته بعيداً عن تصفية الحسابات الإقليمية والدولية”.
وفي هذا السياق، كان تأكيد روسي على “دعم المبادرة الخليجية والتشديد على وجوب أن ينكب اللبنانيون على معالجة مشاكلهم والكف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى بشكل يرتد سلباً على مصالحهم ويعمق أزماتهم وخلافاتهم الداخلية والخارجية”، مع التنويه في المقابل بأهمية “عدم تعريض لبنان لأي عقوبات خليجية وعربية لأنها ستنعكس حكماً على شعبه”.